العلم الأمازيغي ..قصة علم حاربه العروبيين في البداية فأكتسح العالم وأصبح رمزا للنضال من أجل الحرية

حلت يوم 30 غشت الجاري الذكرى العشرون لإقرار العلم الأمازيغي من قبل مناضلين ونشطاء أمازيغ من مختلف دول شمال إفريقيا والصحراء الكبرى، في أول مؤتمر للكونغرس العالمي الأمازيغي، الذي انعقد بجزر الكناري أواخر شهر غشت سنة 1997، وكان بداية وهج الحركة الأمازيغية التي حققت مكاسب مهمة في المغرب والجزائر وليبيا، كما في بلدان أخرى.


كان حضور العلم الأمازيغي في المغرب، منذ عقود، يثير حفيظة السلطات؛وكانت تحاربه وتمنع رفعه، غير أن هذا العلم إكتسح الساحة بقوة رغم المحاربة، وأصبح في السنوات الأخيرة، يعرف انتشاراً واسعاً لم يكن متوقعاً، خصوصاً في المظاهرات والاحتجاجات التي كانت تنظمها الحركة الأمازيغية، وكان أبرز حضور له في السنوات الأخيرة خصوصا خلال احتجاجات حركة 20 فبراير سنة 2011 ، وحراك الريف،وفي كل الوقفات المختلفة أمام مقر البرلمان في العاصمة.

فاصبح العلم الامازيغي رمزا للنضال من أجل الحرية والعدالة والكرامة والقيم الكونية،فضلا عن كونه رمزا للهوية والثقافة الامازيغية المتجدرة في عمق تاريخ شمال افريقيا وطن الامازيغ التاريخي.


ويتفق كل النشطاء الأمازيغ عبر العالم على أن هذا العلم يرمز إلى الهوية الامازيغية المشتركة، الهوية الحقيقية لأرض شمال أفريقيا، وتشير ألوانه الثلاثة إلى الامتداد الجغرافي الذي توجد فيه الشعوب الأمازيغية؛ فاللون الأزرق يرمز إلى البحر والأخضر إلى الشهول والجبال والأصفر إلى الصحراء الكبرى ، أي من جزر الكناري إلى واحة سيوا في مصر ومن البحر الابيض المتوسط إلى الصحراء الكبرى، ويتوسط هذه الألوان حرف ياز الأمازيغي باللون الأحمر، في إشارة الى الهوية الامازيغية العريقة.


ويحكي المحامي المعروف أحمد الدغرني، في تصريح له لمناسبة اليوم العالمي للعلم الأمازيغي ، أنه كان ضمن المؤتمرين المشاركين في اللجنة الاستراتيجية التي كانت تضم 23 عضواً، أشرفت على إقرار العلم الأمازيغي في مؤتمر الكونغرس، وأشار إلى أنه تم تكليف شباب من الغوانش الأمازيغ، وهم السكان الأصليون لجزر الكناري، بإعداد مقترح للعلم، وتم تبنيه بالإجماع في المؤتمر.

مباشرة بعد مؤتمر الكونغرس العالمي الأمازيغي في جزر الكناري، انفض جمع النشطاء الأمازيغ إلى بلدانهم حاملين معهم نسخاً من العلم الأمازيغي الذي تم إقراره، وتم منحه لأول مرة في المغرب لجمعية أمازيغية في مدينة تمسمان في منطقة الريف، ثم بعد ذلك تمت خياطة نسخ منه في سوق الثوب بمدينة الناظور، لينتقل بعد ذلك إلى الرباط والدار البيضاء والمدن الأخرى.


ويتذكر الدغرني أن حضور العلم الأمازيغي كان يثير غضب السلطات المغربية في بداياتها؛ لكن مع مرور الوقت أصبح منتشراً في كل دول شمال إفريقيا وبلاد المهجر، خصوصاً في تونس والجزائر وفي أوروبا، وفي المغرب كانت أولى بداياته في الاحتجاجات، ثم ظهر في مباراة كرة القدم بمدينة أكادير، كما ظهر أيضاً في بعض السهرات الفنية التي شارك فيها فنانون أمازيغ.

ويرى الناشط الأمازيغي والحقوقي أحمد عصيد، في تصريح له بالمناسبة أيضا، أن الذكرى العشرين لإقرار العلم الأمازيغي تأتي في سياق عرف فيه هذا العلم الكثير من الأحداث والوقائع التي حضر فيها، سواء تعلق الأمر بالحركة الأمازيغية الخاصة بالمطالب الأمازيغية أو النضال الديمقراطي بشكل عام.


وأضاف الناشط الأمازيغي والحقوقي قائلاً: "العلم الأمازيغي حاضر باستمرار بألوانه الزاهية في كل الواجهات، وهو يرمز بالنسبة إلى الذين صنعوه إلى قيم الحرية وقيم المساواة والعدالة الاجتماعية، كما يرمز إلى الامتداد الجغرافي لتامازغا"، وأشار إلى أنه "علم لا علاقة به بمشروع دولة خلافاً لما يعتقد الكثيرون".

وأوضح عصيد أن العلم الأمازيغي هو ذو طبيعة ثقافية يرمز إلى الهوية الأمازيغية حيثما كان الأمازيغ، وقال: "لا علاقة له بعلم أي دولة، ولهذا يرفعه الجزائريون والمغاربة والليبيون والماليون والتونسيون، كما يرفعه أبناء الجالية في أوروبا وأميركا وكندا".

وأشار المتحدث إلى أنه يرمز أيضاً إلى "العلمانية والتحرير من وصاية الدين ورجال الدين، ولهذا تجده في كل التظاهرات من أجل المساواة والتحرر، مثل احتجاجات الحركة النسائية أو 20 فبراير أو المظاهرات الشبابية، لأنه يعبر عن مطالبهم جميعاً".

وحول انتشاره الواسع في المغرب، قال الناشط الأمازيغي والحقوقي إن المغاربة عموماً استوعبوا أنه "ليس بديلاً للأعلام الوطنية، وهو له مكانته ودوره وخطابه الذي يريد تمريره، كما لاحظوا أن هذا العلم لا يحضر إلا في المطالب العادلة، ولا يرفع من أجل مطالب متطرفة أو عنصرية أو مضادة للمشروع الديمقراطي".