لمحة عن الزعيم الامازيغي زيري بن عطية الذي أسس مدينة وجدة

ولد الزعيم الامازيغي زيري بن عطية (بالأمازيغية: زيري ؤ عطّا : ⵣⵉⵔⵉ ⵓ ⵄⴰⵟⵟⴰ)  سنة 952 ميلادية وهو قائد وزعيم امازيغي كبير ومؤسس مدينة وجدة سنة 990 ميلادية.

ووفقًا للمؤرخ الكبير ابن خلدون ينحدر زيري بن عطية من قبيلة مغراوة Maghraoua الامازيغية الشهير في تاريخ شمال افريقيا. وهو ممن نازعوا السلطان الامازيغي  بولوغين الصنهاجي صاحب افريقيا وحاكم المغرب الأوسط فلجؤوا الى المغرب الأقصى.

زيري بن عطية Ziri-Ibn-Attia مؤسس وجدة
الزعيم الأمازيغي زيري بن عطية مؤسس مدينة وجدة سنة 990 ميلادي - زيري كلمة امازيغية تعني البدر أي وجه القمر المكتمل-

زار زيري بن عطية مدينة قرطبة قبل توليه الحكم في شمال افريقيا، واستُقبل فيها بآيات التبجيل والاحترام. وعرض عليه الحاكم أبو عامر المنصور بالأندلس الوزارة  لكن زيري بن عطية رفض العرض، حيث يروي ابن أبي زرع في كتابه روض القرطاس على النحو التالي زيارة زيري هذا لقرطبة:
«استقبل الرجل بحفاوة بالغة في البلاط ومنحه السلطان لقب وزير. ثم ركب البحر إلى طنجة وما إن حط رجله فيها حتى هتف قائلا: "الآن ضمنت بقاءك يا رأسي". ثم احتقر الهدايا التي خلعها عليه السلطان ورفض لقب وزير وخاطب أول من ناداه بهذا اللقب قائلا: أصلحك الله، أنا أمير ابن أمير ولست وزيرا.»

قضى زيري بن عطية على صراع القبائل في شمال المغرب الاقصى وحكم جزءا كبيرا من المغرب الأقصى في شمال افريقيا بعد وفاة أخيه مقاتل بن عطية، وبنى مدينة وجدة سنة 990 ميلادية لتكون ثغرا للمغرب الأقصى  وجعلها قاعدة لحكمه وعاصمة لملكه. 

مدينة وجدة
مدينة وجدة التي أسسها الزعيم الامازيغي زيري بن عطية تحمل كل مآثرها التاريخية الطابع المعماري الأمازيغي القديم السائد بالمغرب الأقصى


وقد نازع زيري بن عطية على الحكم الزعيم  الأمازيغي يدو بن يعلى اليفرني زعيم قبيلة يفرن الذي استولى على فاس في غيابه، فعاد زيري إلى المغرب واسترد المدينة بعد حرب ضارية بين الطرفين.

وفي سنة 998 م  أعلن زيري بن عطية  قطع العلاقات مع المنصور بن أبي عامر حاكم الاندلس ونادى بالبراءة منه، حيث كان زيري بن عطية من حلفائه الاوفياء ومن أشد المخلصين له من قبل، ولكنه أصبح غاضباً من أبن أبي عامر وناقماً عليه بسبب سياسته واستبداده وقيامه بالحجر على الخليفة الفتى هشام واستلاب سلطته، فأرسل المنصور لقتاله جيشا ضخما بقيادة ابنه عبد المالك المظفر واصطحب المنصور بنفسه ابنه من قرطبة إلى الجزيرة الخضراء. فالتقا الجمعان بأحواز طنجة وبعد معركة ضارية بين الطرفين عاد الأمير زيري بن عطية الى وجدة وأعلن تنازله عن الحكم في بلاد المغرب الأقصى .

وقرر الذهاب الى  بلاد المغرب الأوسط فوجدهم قد اختلفوا على ملكهم باديس بن منصور ابن بلكين، فاستدعى الدعم من قبيلة مغراوة فجاءه منها حشود واستولى على تاهرت وجملة من بلاد الزاب وملك تلمسان وضواحيها وأقام الدعوة للمؤيد هشام بن الحكم بعد أن استعانوا به  لنصرة الخليفة المسلوب.

في الأخير، كتب إلى المنصور بن أبي عامر يشترط عليه الصلح والتحالف للعودة إلى حكم شمال المغرب الأقصى، وقبل أن يتلقى الإجابة، مات متأثرا من جراحات كانت أصابته في المعركة السابقة، سنة 1001 م، فتولى من بعده الحكم ابنه المعز بن زيري. وقد اطلق على الكثير من المواليد في عهده اسم زيري  تيمنا به والذي يعني البدر بالأمازيغية  أي قرص القمر المكتمل وسط الشهر.