جبال الريف الغربي ... النزغ السياسي و الاقتصادي بخصوص عشبة الكيف

بقلم : الطالبة هجر الوارث .

بخصوص ما ذكرت في مقاربتي السابقة لجبال الريف الغربي، و ما تعيشه هذه المناطق من تهميش و عزلة تامة في كل شيء و ما تتحمله من ضراوة الطبيعة القاسية و المحاولة من أجل تقبل الواقع الخيالي في صمت و معاناة.

هذه المناطق قُوتها بالدرجة الأولى يعتمد على الزراعة المعيشية التي تسد فقط حاجة المواطن الجبلي الريفي و كفايته من أجل العيش دون الاحتياج إلى السوق ؛ بل بالأحرى لا تكفيه ليلجأ إلى السوق نظرا لقلة الأمطار ، و التقلبات المناخية التي تعرفها المناطق مما يؤثر سلبا على الفلاحة و يجعل المواطن يلجأ إلى السوق ليسد ما بقي من حاجاته الضرورية للاستمرار .

جبال الريف الغربي



و بالنسبة للقلة القليلة من الناس الجبليون الريفيون الذين لهم زراعة الاكتفاء الذاتي أي ما يسد حاجاته و يبيع بعضا منها في الأسواق ، أما النوع الثالث من الزراعة و الذي هو الزراعة التسويقية فلا وجود لها في المغرب أصلا لأن زراعة المغرب لا تلبي حتى الاكتفاء الذاتي للمواطنين .

 أما ما يخص عشبة الحشيش أو الكيف فهي زراعة مكلفة جدا تحتاج إلى رأس مال كبير و سقي متطور و أسمدة كيماوية من أجل الحصول على مردودية عالية ، و هذا مشكل في حد ذاته لأن مناطق جبال الريف الغربي استنزفت فرشاتها المائية الباطنية بسبب الآلة الفتاكة المسماة " بالصوندا " ، إضافة إلى تأخر الأمطار ؛ هذا كاف أن يجعل المواطن الجبلي الريفي يخسر الكثير من أمواله و استنزاف دمه و كل ما لديه من أجل الحصول على عشبة أو عشبتين من نبتة القنب الهندي .

أما فيما يخص بيعها للزبائن فيضطر الفلاح تحمل مشاق الطريق و مشكل انعدام وسائل النقل من أجل توصيل البضاعة إلى أصحابها . السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ، هل تسمح أجهزة الدرك الملكي بتوصيل المواطن لمحصوله دون معارضة –بدافع أنها مضرة للمواطنين و حرام ؟ ما الاصطدامات التي تجعل المواطن الجبلي الريفي في احتكاك برجال الدرك الملكي ؟ المعارض الأول لهته العشبة هو رجال الدرك الملكي ، فبمجرد أن يزرعها الفلاح رغم أنه يفعل ذلك في سرية تامة و مع ذلك تجد رجال الدرك الملكي يجولون كل مدشر و يلصقون التهم و الغرامات المالية و بالمقابل الاستفادة منه لمصالحهم .


فتجد الدولة تعمل جاهدة من أجل تخريب الطريق العام و حفره و تشويه الشارع من أجل الحول دون توصيل المواطن لبضاعته ، لتجعل المواطن هو من يتحمل المسؤولية لأن الزبون بمجرد أن يرى الطريق غير صالحة للسير على ذلك الشكل يعجز عن الذهاب ليتحمل الفلاح المسكين المنهك تكاليف الطريق و مشقتها ، و خير دليل على هذا الفعل البهيمي اللاإنساني الذي وراءه مصالح سياسية بالدرجة الأولى ؛ الطريق : " لطيوة الدارة " التي تربط بين جماعة مقريصات و دوار دار خوخ على بعد 50 كلم تقريبا إلى غاية " قيادة فيفي " هته الأخيرة كلها حفر لدرجة أن السكان لا يمرون عبرها تماما إلا من زار المنطقة لأول مرة و لا يعلم بطرقاتها ؛ هذا وراءه نية شريرة و هي إضعاف عزيمة المواطن و النيل منه فبمجرد أن يرى أنه هو المتضرر الأول و الأخير في هته المسألة سيقوم فورا بالتخلي عن هذا النوع من الزراعة .

و هذا ما أصبح في السنوات الأخير – غياب تام أو شبه منعدم لزراعة نبتة الكيف – إلا في بعض المناطق التي لها طريق ممتاز و الماء متوفر و كذا وجود رأس المال  الكافي لتحمل التكاليف اللازمة. هذا من جهة . 

و من جهة أخرى هناك المنظور الذي يقول بأن تلك النبتة " حرام " الشيء الذي يفسرون به تبعية المخزن لهؤلاء الفلاحين و تجريدهم من كل أموالهم و كذا أخذ محصولهم لأن الحرام يبقى حرام في نظرهم و لا يعلمون أن المخزن يستهدف عقولهم الضعيفة للركوب على هته القضية و تحميل الخسارة العظمى للمواطن الجبلي الريفي . 

 و السؤال المطروح إذا كانت عشبة الحشيش حرام على المواطنين الجبليين الريفيين فما الذي يجعلها حلالا بأموالها و غنائمها على الدولة المخزنية ؟ و إذا سلمنا بأنها حرام ، فلماذا لا يوفرون لهؤلاء المواطنين ما هو حلال ؟؟ لماذا لا تكون هناك نشاطات فلاحية و أخرى صناعية و أنشطة من أنواع أخرى لتلبية حاجة المواطن و دمجه في العالم الحي بدل تهميشه و إقصائه صحيا و اجتماعيا و اقتصاديا و ثقافيا و سياسيا ... ؟ للأسف كل هذا أدلة ساقطة و حقيرة و توهيمية من أجل عدم مدافعة المواطن الجبلي الريفي على حقوقه لأنه بعيد عن الإعلام و الصحافة بعدا تاما، و ليس له طرقا سيارة و مضعف و مدغدغ و فاقد للأمل .

. بقلم الطالبة هجر الوارث
‏‎Hajar El Ouarit‎‏ ‏‎(ⵀⴰⵊⴰⵔ ⴰⵍⵡⴰⵔⵉⵜ)‎‏
18/02/2018