إيكودار الامازيغية أقدم نظام بنكي في العالم

إيكودار  igoudar  كلمة أمازيغية  وهي بصيغة الجمع ، مفردها : أكادير agadir و تعني لغويا : المَخزن المشترك، وهي عبارة عن منشآت جماعية قديمة عالية الاسوار وذات ابراج، تُبنى  فوق قمم الجبال ، ويعود تاريخ بناء جلها الى ما قبل 1000 سنة و كانت تخصص لإدخار وتخزين  ممتلكات الاسر الامازيغية قديما لحمايتها من النهب و السرقة ، ولم تعد تستعمل اليوم ، وتعتبر هذه المنشاءات اليوم من المعالم التاريخية الامازيغية  التي تزخر بها العديد من المناطق الامازيغية بالخصوص جنوب المغرب  حيث نجد إيكودار الامازيغية  شامخة على قمم المرتفعات ضاربة بجدورها في عمق التاريخ . 

إيكودار الامازيغية هي أقدم نظام بنكي في العالم 

أكادير امتضي

تعتبر إيكودار الامازيغية التاريخية  أقدم نظام بنكي في العالم  ، بحيث كانت عبارة عن منشآت عامة  تخصص لإدخار وتخزين وحماية  اموال و ممتلكات الاسر الامازيغية تحث حراسة مشددة  وإدارة أحد أمناء القبيلة المشهود له بالصدق والامانة، و كانت هذه المنشآت تحتوي على عشرات الغرف الصغيرة كخزائن، و كان يخصص لكل أسرة حساب واحد و كان عبارة عن غرفة خاصة تضع بها كل ما تملكه من ممتلكات نفيسة كالمجوهرات والاموال والحبوب  و كل الاغراض الثمينة  لحمايتها من النهب و السرقة . و هذا كان أقدم نظام بنكي في العالم بفارق ان كل الاسر لا تأخد أي فوائد عن  الادخار ولا تدفع أي مصارف مقابل ذلك بإستثناء واجبات الحراسة و الترميم . وقد كانت هذه المخازن الجماعية فعالة في حماية ممتكات السكان في تلك الاوقات حيث الاضطرابات وانتشار اللصوص وقطاع الطرق.

شكل الغرف والخزائن من الداخل 

احد اجنحة مخزن جماعي مهجور ـ   الجناح  به عشرات الغرف الصغير كخزائن ـ و الاحجار البارزة هي عبارة عن سلالم للصعود الى الغرف العلوية حيت يحتوي كل مخزن على ثلاث طوابق او أكثر . و كل غرفة لها باب سميك و ثلاثة اقفال و علامة خاصة . 

أزيد من 600 أكادير يعود تاريخها لازيد من 1000 سنة

و قد كشفت العديد من  الدراسات الميدانية التي قام بها  مهتمين مغاربة و اجانب حول هذه  المخازن المشتركة «إيكودار» عن وجود أزيد من 600  مخزن جماعي في مختلف مناطق المغرب  الناطقة بالامازيغية ، وتختلف أشكالها و احجامها من منطقة إلى أخرى، إلا أن مناطق تركزها هي منطقة سوس  الامازيغية على وجه الخصوص، والتي تحتضن أكبر عدد منها خاصة في إقليم اشتوكة آيت باها في المناطق الجبلية منها، وكذا الأطلس الصغير...

اكادير مخزن جماعي امازيغي تاريخي
جل هذه المخازن الامازيغية التاريخية بنيت قبل قرون ولا تزال صامدة الى اليوم 

فضلا عن وجود بعض المخازن من الحجم الكبير بمنطقة الأطلس المتوسط بمنطقة تيزي نسلي قبائل آيت عبدي بإقليم بني ملال، وهي المعروفة بمخازن «أوجكال» التي توجد في منطقة جبلية شديدة الوعورة، وهو الأب الأكبر للمخازن الجماعية، والملاحظ أن هذه المخازن توجد في المناطق التي تتميز بشح في الموارد الطبيعية.

لجنة خاصة تقوم بزيارة لاحد المخازن المشتركة 


 و كانت هذه المخازن الجماعية  ذات جدران  سميكة وأسوار عالية و ابراج للحماية  و فتحات لقدف السهام ، و تبنى على قمم مرتفعة شديدة الانحدار بالضرورة  لتكون منيعة على الاقتحام و كانت الاسر  الامازيغية المنضوية تحث قيادة  زعيم واحد هي التي تتولى إنشاء هذه البنيات و وضع القوانين الخاصة بها و كانت كل قبيلة أمازيغية خصوصا في الجنوب المغربي تتوفر على  أكادير خاص بها  .



و يعتبر أكادير «إينومار»،  أكبر مخزن جماعي على المستوى الوطني يتم اكتشافه لحدود اليوم، والذي يضم 303 غرفة خزن، بعد أن تم الكشف في وقت سابق أنه يضم فقط 295 غرفة تخزين، ويوجد بدوار إيدوسكا بالجماعة القروية تسكدلت، والذي يحتاج، حسب الباحث المختص خالد ألعيوض، إلى إمكانيات كبرى من أجل الترميم، و قد تم  إيداع ملف ترميمه لدى منظمة اليونسكو باعتباره من أكبر هذه المخازن وأهمها، في إطار الاعتراف بهذه المخازن التي تشكل منظومة متكاملة في تدبير الموارد الطبيعية باعتبارها تراثا إنسانيا عالميا بأبعاده الأمازيغية المغربية.

أكادير امتضي احد اقدم  المخازن الجماعية بالجنوب المغربي 

مكان بناء هذه المخازن يتم اختياره بعناية فوق قمم شاهقة شديدة الانحدار بحيث يصعب على اللصوص  اقتحامها ليلا او نهارا

قانون تنظيم هذه المخازن الجماعية 

 كانت طريقة  تنظيم هذه المخازن الجماعية  و ادارتها ، أن القوانين التي تنظمها كانت تكتب على ألواح خشبية، وهي بمثابة قوانين يصادق عليها الجميع و لا يمكن التحايل عليها أو التدرع بجهلها، وكانت تنص على العقوبات و طريقة تنظيم  والاستفادة من هذه المخازن وكانت تصف الحقوق والواجبات وتقر لكل حق حقه، بدءا بواجب الحراس والأمناء الذين يسمون بالامازيغية  «إنفلاس» إلى واجب  كلاب الحراسة ، والقطط  أيضا التي كانت توجد داخل المخازن، والتي كانت مهمتها متمثلة في حمايتها  من الفئران والقوارض والتي يمكن أن تفسد مدخرات الاسر، وكان لهذه القطط نصيب يسمى «أغنجى وموش»، ويتم توثيق هذا النصيب في لوح من الألواح كاعتراف بحقها في الحياة وإقرار بدورها في الحفاظ على المكان، أما في الأطلس المتوسط الشرقي، فقد كان السكان يضعون الثعابين السامة بدهاليز هذه المخازن لترهيب اللصوص، حيث إن هذه الثعابين غالبا ما كانت من الأنواع السامة جدا، كما كان القائمون على هذه المخازن يحاولون إخفاء كافة المنافذ المؤدية إليها، باستعمال كل أساليب التمويه التي يمكن أن تمنع من الوصول إليها بسهولة .