العربية والأمازيغية في مخيال المغاربيين بعد عقود من سياسة التعريب الايديولوجي وغسل الدماغ

لا يجادل أحد في كون الأمازيغية وإلى حدود العشرينيات من القرن الماضي كانت لغة معظم المغاربة ( لغتهم الأم ) وثقافتهم المنتشرة في كل مناحي الحياة وواقع سوسيولساني للسواد الأعظم للمغاربة ..

 إستمر هذا الوضع إلى ما قبيل الاستقلال وبداية تأسيس الدولة الحديثة .. حيث عملت الدولة منذ انتهاء الحماية الفرنسية وحصول المغرب على استقلاله الشكلي على نهج سياسة التعريب الشامل تحث شعار العروبة والاسلام ..


إذ فرضت اللغة العربية والثقافة العربية على جميع المستويات من إعلام وتعليم وقضاء وكل مؤسسات الدولة ( هذا ان سلمنا بأنها دولة ) ، حيث سخرت هذه الدولة كل سلطتها وكل إمكانياتها من أجل تعريب المغرب واقبار الهوية الحقيقية للمغاربة هوية الأرض " الأمازيغية".

 وفي هذا الصدد نستحضر قول الأستاذ محمد بودهان في إحدى مقالاته " .. بل إن جنون التعريب أدى في حالات كثيرة إلى إطلاق أسماء على الأعلام الجغرافية لا معنى لها اصلا في اللغة العربية مثل تحويل الاسم الأصلي الأمازيغي لمدينة " أشاون" التي تعني "القرون" إلى "شفشاون" الذي هو لفظ عبثي ليس له أي معنى سوى إقصاء الإسم الأمازيغي لهذه المدينة الأمازيغية .. " 

هو مثال إذن يوضح لنا كيف عمل المخزن المغربي على تزوير كل شيء من أجل بناء هوية جديدة مستغلا سلطته ومؤسسات المواطنين .. والأمر لم يقتصر فقط على تغيير اسماء الأماكن كما في المثال الذي استحضره الأستاذ بودهان وهي أمثلة عديدة كتغيير اسم امور نواكوش إلى مراكش وتيطاوين إلى تطوان وموكادور إلى الصويرة .. إلخ ، بل عملت الدولة على تزوير التاريخ برمته وتقزيمه ونشر خرافة النسب الشريف وتقديس العروبة وتحقير أبناء الوطن الحقيقيين ( الأمازيغ ) وتغييب تاريخ شمال افريقيا من المقررات بل وتزويره وترويج عظماء الأمازيغ كونهم عرب والاهتمام بقضايا المشرق على حساب قضايا الوطن ومحاربة كل من ينادي بامازيغية الوطن عن طريق الاغتيال أو الاختطاف أو الإعتقال .. 

فالسلطة بالمغرب إذن سطرت ومنذ الاستقلال استراتيجية من أجل الهيمنة وإقصاء الأمازيغية بالاعتماد على مجموعة من الوسائل الإيديولوجيا ..

وسياسة التعريب هاته وإن بدأت بشكل فعلي منذ ( الإستقلال ) إلا أن ارهاصاتها الأولى بدأت منذ 1934 من طرف ( الحركة الوطنية ) ، والمشكلة في غالبيتها لحزب الاستقلال بعد ذلك ( 1944) حيث اندمجت في الحزب جماعات شكلت في الثلاثينيات غالبيتهم متشبعون بالثقافة العربية الإسلامية وحركة النهضة في المشرق العربي ، والبعض منهم مرتبطين بالثقافة الفرنسية ..

فالحركة الوطنية إذن كان لها ارتباط بالمشرق العربي ومطالبها تتمحور حول عروبة المغرب وهي المطالب التي استجاب لها الملك محمد الخامس في خطاب 1947 بطنجة حيث أعلن عن انتماء المغرب للأسرة العربية وهو الوقت الذي تأسست فيه ما يسمى بـ " جامعة الدولة العربية ".

 فمن هنا بدأت الحكاية وهي الحكاية التي أصبحت أكثر حدة في عهد الحسن الثاني الذي استمر في نهج سياسة التعريب الايديولوجي وغسل الدماغ بتعاون مع حزب الاستقلال العروبي حيث عملوا على محاربة كل الأصوات الأمازيغية المنادية بامازيغية المغرب ..وعملوا على فرض العروبة و إقصاء ومحاربة وتشويه وتشريد اللغة والثقافة الأمازيغية ...

هذه السياسة هي التي أنتجت لنا هذا الشعب الامي تاريخيا والمستلب الهوية الذي ينفجر في وجهك كلما سمع منك كلمة أمازيغية ويتهمك بالعنصرية والكفر والالحاد والانفصال والتخلف والردة والعرقية... في حين يضفي نوع من القداسة والتبجيل على العربية والعروبة.

من مقال سمير اوعلي " ماسينيسا " بتصرف.