المنسق العام لمنتدى حقوق الإنسان يحذر الدولة المغربية من مغبة قمع احتجاجات سكان الريف

أكد المنسق العام لـ"منتدى حقوق الإنسان بشمال المغرب"، عبد الوهاب التدموري، أن "الإنزال الأمني الذي شهدته الحسيمة والبلدات المجاورة لها، أمس الأحد، لم يسبق له مثل مند أحداث الريف 1958/1959، وذلك بشهادة من عايشوا هذه التجربة".

وقال التدموري في حديث مطول مع "بديل"، "إن الدولة انتهجت المقاربة الأمنية، والتي قد تعيد تجربة ما وقع بالصحراء بكل تداعياتها المهددة لما تبقى من الإحساس بالانتماء إلى هذا الوطن"، معتبرا "أن الدولة ربما لا تريد الوصول إلى هذا الوضع، لإعادة ما حصل بالصحراء"، لكن السؤال المطروح حسب التدموري هو : "من المستفيد من هذا الوضع القائم الآن؟"



وأوضح التدهوري أنه "كان على الدولة أن ترفع العسكرة على المنطقة و ذلك بإلغاء ظهير 1958 القاضي بجعل إقليم الحسيمة منطقة عسكرية، وهو ما يبرر التواجد الأمني غير المسبوق بها خلال الأشهر الأخيرة"، معتبرا أن "الدولة بقمعها للاحتجاجات خرقت الدستور خاصة في مادتيه 29 و37 اللتان تنصان على حق المواطنين والمواطنات في التظاهر والاحتجاج السلميين"، مشيرا إلى أن "الدستور قال: يمارس هذا الحق بقانون ولم يقل يمنع بقانون"، مضيفا أنه "كان على الدولة أن تحترم الدستور وتشعر المحتجين بمنع هذه التظاهرات من قبل، رغم أن المنع بحسب القانون الدولي لا يكون إلا في الحالات القصوى والضرورة وهي الحروب والكوارث".

وتابع التدموري حديثه قائلا: "لو أرادت الدولة أن تكون صريحة مع ذاته وطبيعتها المخزنية واللاديمقراطية، كان عليها أن تُشعر المحتجين من قبل بمنع هذه التظاهرات التي أُعلن عنها قبل مدة في وسائط التواصل الاجتماعي، والتي تواكب الذكرى 54 لرحيل الأمير المجاهد عبد الكريم الخطابي، وحتى يتعاطى المواطنون بالحيطة والحذر مع ما قد يقع في هذه الاحتجاجات، لكنها لم تفعل" حسب تعبير ذات المتحدث الذي يضيف، " أن الدولة تحايلت على المواثيق الدولة وعلى التزاماتها بها، وأرادت أن تظهر للرأي العام الوطني والدولي أنها ملتزمة بجميع هذه المواثيق وأن تدخلها جاء لانتفاء أحد الشروط الأساسية لهذا الحق وهو عدم سلمية هذا الاحتجاج، كما جاء في بلاغ وزارة الداخلية عندما قالت: إن هؤلاء المحتجين قطعوا الطريق"، مشددا (التدموري) على أن تجربة أربعة أشهر من الاحتجاج السلمي تبين أنه لا يمكن أن يسقط المحتجين في مثل هذه الممارسة اللامسؤولية، وإنما هذا تحايل من الدولة، في محاولة بأن تعطي لنفسها مشروعية التدخل".

وأردف التدموري أن "الدولة مع الأسف كان من الممكن أن تتصالح مع نفسها وتاريخها وتكرم وتعيد الاعتبار لبطل التحرير الوطني والعالمي، الأمير عبد الكريم الخطابي، بتبنيها لهذه الذكرى واعتبارها ذكرى وطنية"، لكن مع الأسف يقول المنسق العام للمنتدى الحقوقي المذكور، " في غياب نظرة واقعية وحقيقية للمصالحة، ليس فقط مع الريف، وإنما مع الشعب المغربي ككل، هناك محاولات حثيثة لإقبار كل ما هو مشترك في ذاكرتنا، وهذا السلوك لا يمكن إلا أن يزيد من تعميق تلك الهوة القائمة ما بين المواطنين والمواطنات والدولة".

وأكد متحدث "بديل"، أنه "لا يمكن إقبار هذه الذاكرة، لأن الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي هو ذِكرى وذاكرة موشومة في الوعي الجماعي في الريف الكبير بصفة خاصة والوطني بصفة عامة، ولا يمكن إقبار هذه الحقيقة الوطنية".

وبحسب التدموري دائما "فالحراك له مطالب اجتماعية واقتصادية، وهذه المطالب كلها لا تروم إلا إلى تنمية المنطقة"، مشددا على أن "هناك بعض المطالب العامة القاضية بضرورة دفع التحقيق في مقتل الشهيد محسن فكري إلى مداه، وتقديم المسؤولين عن هذه الجريمة إلى المحاكمة مع ضمان محاكمة عادلة للمتهمين، وإعادة فتح التحقيق في ملف شهداء المحرقة الخمس، بعدما تم إغلاقه بدواعي واهية، وكذا إطلاق صراح جميع المعتقلين السياسيين وإصدار عفو شامل في حقهم وعلى رأسهم محمد جلولي".

وزاد متحدث "بديل"، متسائلا: "ألم يكن من الواجب على الدولة أن تفتح حوارا مع شباب الحراك لحل هذه المطالب، وأن لا تتعامل بتجاهل معه، وأن تبحث عن وسائط في إطار التواصل مع هؤلاء الشباب، أم كان لزاما فرض وسائط عبارة عن أحزاب ممثلة في البرلمان وهي الوسائط التي رفضوها كحراك"، معتبرا أنه "كان على الدولة البحث عن بدائل لإحلال السلم الاجتماعي، وفتح حوار جدي ومسؤول وطي صفحة الماضي، لكن مع الأسف هذا لم يتم".
نقلا عن بديل.