حوار مع الناشط الأمازيغي أحمد عصيد حول إيجابيات وسلبيات القانون التنظيمي للأمازيغية الصادر مؤخرا

مباشرة بعدما كشفت الحكومة المغربية عن نص مشروع القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، الذي ينص على أنه سيتم اعتماد مبدأ التدرج في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية عبر ثلاث مراحل ، كما تحدث المشروع عن كيفيات إدماج الامازيغية في مجال التعليم والاعلام وفي مجالات الحياة العامة.

تم إجراء  الحوار التالي مع الناشط الأمازيغي أحمد عصيد، رئيس "المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات" من أجل الاطلاع على وجهة نظره في الموضوع. ولكشف الجوانب الإيجابيات والسلبية لهذا  القانون التنظيمي الذي صاغته الحكومة بعد خمس سنوات من الانتظار .


 ما تقييمكم لمشروع القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية؟


يمكن القول من باب الموضوعية إن هناك الكثير من النقط الإيجابية وردت في هذا المشروع، والتي أولها النظرة الشمولية، التي اعتبرت الأمازيغية لغة رسمية للدولة أي للمؤسسات، ونص هذا المشروع أيضا على تصورات لإدراجها في مختلف المجالات الحيوية حيث لم يتم إغفال أي مجال من المجالات الهامة المتعلقة باللغة الرسمية.

 من جهة أخرى هناك إيجابية تتعلق بذكر ترصيد المكتسبات وهذا شيء أساسي بالنسبة إلينا وقد ألححنا عليه في النقاش العمومي الذي انطلق منذ 2012 واستمر إلى اليوم، وهو أن الأمازيغية لها مكتسبات داخل المؤسسات ولا ينبغي لهذه المكتسبات أن تضيع بل ينبغي ترصيدها وتضمينها في هذا القانون.

كما أن هناك إيجابية أخرى تتعلق تتعلق بالإشارة إلى الأمازيغية كلغة تدريس في المناطق التي تسكنها أغلبية من الناطقين بالأمازيغية، بمعنى أن الأمازيغية بجانب العربية ستكون لغة تدريس مواد أخرى، وهذا شيء متقدم ومهم ودعونا إليه في السابق وقد تم قبوله، ويوجد في هذا المشروع، بمعنى أنه مثلا في الريف حيث اللغة المستعملة هي "تاريفيت" ستستعمل "تاريفيت" في تدريس مواد أخرى مثل التاريخ من أجل التفهيم، بمعنى أنه سيتم استعمالها بجانب العربية كلغة تدريس وهذا معطى مهم جدا. وكذلك نتمن إدراج الأمازيغية في مجال محاربة الأمية، لأنه في الغالب كانت تعتبر محاربة الأمية هي تعليم اللغة العربية والفرنسية للناس المسنين، وهم لا يستطيعون تعلم هذه اللغات، فإدراج الأمازيغية في محاربة الأمية معناه مساعدة السكان الذين هم ناطقون بالأمازيغية على تدبير شؤونهم بلغتهم الأصلية وهذا شيء ستكون له آثار إيجابية على التنمية المحلية خاصة في المناطق المهمشة.

ماذا عن مآخذكم على مشروع القانون التنظيمي؟


بالنسبة للمآخذ على هذا القانون فنعتبر أن أكبر عطب ونقطة ضعف موجودة فيه هي المتعلقة بالتعليم.
 في فقرة التعليم فوجئنا بمشروع القانون في التوجهات العامة للسياسة التعليمية المرتبطة بالأمازيغية يحيل على المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وهذا شيء غريب لأن المجلس الأعلى للتربية والتكوين بنفسه أحال في رؤيته الاستراتيجية على القانون التنظيمي، وقال إن القانون التنظيمي سيحدد..، وإذا بالقانون التنظيمي الذي كنا نريده أن يحدد لنا كيفية إدراج الأمازيغية في التعليم يحيل على المجلس الأعلى للتعليم الذي رفضنا رؤيته الاستراتيجية واعتبرناها رؤية عنصرية فيها ميز ضد الأمازيغية، ولا تحترم الدستور نهائيا.  فمقترحات المجلس الأعلى للتعليم وضعها أشخاص منخرطون في التيار المحافظ، وفي التيار القومي العربي، وهم معادون للأمازيغية ويوجدون كلهم في هذا المجلس، نحن أقصينا منه بحيث لا يوجد أي عضو من الحركة الأمازيغية به.

إذا أناس يعادون لغتنا هم من يخطط لها وينظرون لها في غيابنا وهذا شيء رفضناه. كيف يعقل الآن أن يحيل القانون التنظيمي على هذا المجلس الذي لا نتواجد فيه، ويتواجد فيه أناس لا يفكرون بحس وطني بل يفكرون انطلاقا من ايديولوجياتهم الضيقة والتي هي متجاوزة أصلا، وهي الاسلام السياسي المتشدد المعادي للتعدد اللغوي، والقومية العربية المعادية للأمازيغية والتي تعتبر العربية هي لغة البلاد الوحيدة.

كيف تنظرون إلى الحديث عن التدرج في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؟


فيما يتعلق بالتدرج فنعتبر بأن خمس سنوات لتعميم الأمازيغية في الابتدائي، وخمس سنوات أخرى لتعميمها في الاعدادي والثانوي هي جدولة زمنية مقبولة، وكنا قد قبلنا بمبدأ التدرج قبل وضع هذا القانون، وذلك في حوارنا مع المسؤولين في الدولة حيث قلنا لهم إننا واقعيون وأننا ندرك أن إدراج الأمازيغية في الإدارة وتعميمها في التعليم، والمحاكم وقطاع الصحة والفضاء العمومي في حاجة إلى سنوات من العمل ولهذا نحن نقبل مبدأ التدرج.

كما نأخذ على هذا المشروع حديثه عن الرفع من نسبة البث في القنوات التلفزية والإذاعية، دون تحديد هذه النسبة المئوية. وهذا ما سيفتح الباب للتحايل فإذاعة مثلا ستضيف 26 دقيقة وستقول إنها رفعت نسبة البث، وتلفزة ستضيف برنامجا من ربع ساعة وستتحدث عن رفع نسبة البث، مما سيؤدي للحافظ على الميز، ولن ننتقل إلى المساواة بين اللغتين الرسميتين.

فلابد من إقرار نسبة بث محترمة للأمازيغية بجانب العربية، وإذا لم تحدد نسبة البث المئوية، لا يمكن للهاكا أن تراقب هل القنوات هل وفّت بوعودها واحترمت القانون أم لا.

المجالان اللذان كنا نعول عليهما واللذان يعتبران شريان الأمازيغية في الدولة، وهما التعليم والإعلام، لم يكن المشروع دقيقا فيهما بما يضمن تفعيل الترسيم، الأمر الذي سيفتح الباب للتلاعبات.

ووفق هذا المشروع سيتخذ المجلس الأعلى للتربية والتكوين قرارات تحقيرية للأمازيغية، وستصبح هذه القرارات هي سياسة لدولة ..

مثلا؟           

                 
يتكلمون في المجلس الأعلى للتعليم عن أن الأمازيغية  لا تكتب في السنوات الأولى! هل هناك لغة رسمية لا تكتب، هذا غير موجود..لغة رسمية يعني أنها لغة تكتب وتستعمل شفويا كجميع لغات العالم، ثم لم يتم توضيح هل هذه اللغة إلزامية أم اختيارية، لذلك يجب التنصيص على إلزامية تعليم الأمازيغية بالنسبة لجميع المغاربة.

ماذا عن تقييمكم الإجمالي لمشروع القانون التنظيمي؟


أعتقد أن هذا القانون إيجابي بنسبة 90 في المائة، لكنه يتضمن بعض الفقرات التي يمكن التلاعب فيها والإخلال بوعد الدولة في تفعيل الطابع الرسمي، وينبغي تدارك هذا لخلل، لكي يتم التفعيل وفق الطابع الرسمي وليس أقل من ذلك، إضافة إلى ذلك في نهاية هذا المشروع يتم الحديث عن إحداث لجنة وزارية لمتابعة التفعيل..نحن نعتقد أن لجنة وزارية غير كافية، لابد من قسم أو مصلحة، أو وحدة إدارية كبيرة تستطيع أن تتتبع التفعيل، لأن الأمر يتعلق بإدراج لغة رسمية في جميع القطاعات أفقيا وعموديا، وهذا لا يمكن للجنة وزارية أن تتابعه..

ماذا عن تحركاتكم مستقبلا؟


نحن سنتابع عن كتب مسلسل التفعيل، وسنطالب بإغناء هذا المشروع إذا كان ذلك ممكنا في النقاشات التي ستكون في البرلمان، وإذا لم يتم ذلك فسنواكب التفعيل وسنرفض أي إجراء يتعارض مع الطابع الرسمي للغة في كل المجالات.