المغرب يقرر تعميم تدريس الامازيغية بالمستوى الاعدادي والثانوي

تتجه وزارة التعليم المغربية إلى تعميم تدريس اللغة الأمازيغية بالمستوى الاعدادي والثانوي، بالتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (مؤسسة حكومية).  

حيث اجتمع وزير التعليم والتربية الوطنية المغربي السيد سعيد أمزازي بعميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية السيد أحمد بوكوس و طاقمه من أجل الاتفاق على تعميم تعليم اللغة الأمازيغية بالأسلاك التعليمية الثلاث الابتدائي والاعدادي والثانوي، في اطار التفعييل الرسمي لترسيم اللغة الامازيغية، وستجدد مناهج اللغة الأمازيغية تدريجياً انطلاقاً من الموسم الدراسي المقبل وفق مقتضيات القانون التنظيمي لترسيم اللغة الأمازيغية.

تدريس اللغة الامازيغية


وقد أكد وزير التعليم، سعيد أمزازي، انخراط وزارته بشكل تام في المطلب الوطني المهم لتعليم اللغة الأمازيغية. وشدد على مضي الوزارة قدماً في تنفيذ قانون اللغة الأمازيغية، وقانون تحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي لها، وكيفية إدماجها في مجال التعليم، ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية، إضافة إلى قانون المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.

وأكد الوزير خلال هذا الاجتماع، المنعقد في إطار جهود الوزارة الرامية إلى تفعيل مقتضيات القانون الإطار رقم 51.17 في شقه المتعلق باللغة الأمازيغية وكذا القانون  التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوي، إضافة إلى القانون التنظيمي رقم 16-04  المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، على الانخراط التام  للوزارة في هذا الورش الوطني الهام وكذا على عزمها المضي قدما في تنزيل هذه المقتضيات وذلك من خلال وضع خارطة طريق واضحة المعالم .

من جهته عبر عميد المعهد الملكي عن ارتياحه للإرادة القوية والفعالية التي  تتسم بها اقتراحات الوزير من أجل تسريع وتيرة “تعميم تدريس اللغة الأمازيغية على الأسلاك  التعليمية الثلاثة” مع التأكيد على تثمينه لهذه الاقتراحات وعلى استعداد المعهد التام للانخراط في تنزيل خارطة الطريق المقترحة.

كما استعرض العميد أهم الانجازات التي تحققت في مجال إدماج الأمازيغية في المنظومة التعليمية  بفضل  الجهود المشتركة بين  الوزارة والمعهد الملكي، مشيرا إلى أن جميع الشروط قد اكتملت اليوم من أجل هذا التعميم.

وضع خارطة طريق لتعميم تدريس الامازيغية

وزير الثقافة المغربي وعميد معهد الثقافة الامازيغية احمد بوكوس
وزير الثقافة المغربي سعيد امزازي وعميد معهد الثقافة الامازيغية احمد بوكوس


أكد وزير التعليم، "ستوضع خارطة طريق واضحة المعالم ترتكز على محاور، من بينها استئناف عمل اللجنة الثنائية المشتركة بين الوزارة والمعهد الملكي، وإعطاء دفعة قوية لتكوين الأساتذة المتخصصين في تدريس اللغة الأمازيغية، من خلال رفع عددهم بوتيرة 400 أستاذ كل سنة ابتداء من السنة المقبلة، فضلاً عن إدراج وحدة خاصة باللغة الأمازيغية في التكوين الأساسي للمفتشين وأطر الإدارة التربوية، ورفع عدد مسالك الإجازة فيها في الجامعات الرسمية".

كما تتضمن الخارطة الرفع من عدد مسالك الإجازة في اللغة الأمازيغية بالجامعات العمومية،   تحيين منهاج اللغة الأمازيغية وفق مقاربة تدريحية انطلاقا من الموسم الدراسي المقبل 2022-2021 بالنسبة للسنوات الأولى من السلك الابتدائي وابتداء من الموسم الدراسي 2023-2022 بالنسبة لباقي مستويات السلك الابتدائي إضافة إلى إعداد المنهاج الخاص بالسلك الإعدادي.

محاولة اهتمام واعتناء بعد تهميش واقصاء


بعد عقود من تهميش الثقافة الأمازيغية، منذ الاستقلال، شكل الخطاب الملكي  بأجدير عام 2001، نقطة مفصلية في تعاطي الدولة مع تلك الثقافة، حيث قرر إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مع التأكيد أن "الأمازيغية مكون أساس للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر". إثر ذلك، قام المغرب منذ عام 2003 باعتمادها في المستوى الابتدائي للتعليم الرسمي، في أفق تعميمها تدريجياً على باقي المستويات، وهدف تعاون  وزارة التعليم مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية النهوض بها في المجال التعليمي، إلا أن ضعف تدبير الملف أدى إلى فشله، في ظل غياب المناهج البيداغوجية، إضافة إلى قلة عدد الأساتذة وضعف التكوين الممنوح لهم.  

تلى ذلك تنصيص دستور 2011 الصادر إبان الحراك المغربي، ولأول مرة، على الطابع الرسمي للغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، لكن تأخر صدور القوانين التنظيمية حتى عام 2019 أدى إلى وجود اختلالات في تطبيق ترسيم الأمازيغية.

مبادرة لا ترقى لطموح النشطاء الأمازيغ


بينما يرى ناشطون أمازيغ أن الخطوة حررت على عجل ولن تطبق قريباً بالشكل المطلوبن بالنظر الى تجربة تعامل الجكومة مع  تدريس الامازيغية بالمستوى الابتدائي الذي لا يرقى الى المستوىى المطلوب، ومع كل تلك الاعتبارات، تؤكد الحركة الأمازيغية في المغرب وجود ضعف في تعاطي الدولة مع اللغة  والثقافة الامازيغية بصفة عامة ، وتعد خطوة وزارة التعليم الأخيرة لا تتسق مع مستوى التطلعات.

ومن جانبه تساءل  الباحث الصحافي نوفل الشرقاوي :" هل تم تعميم تعليم الأمازيغية في السلك الإبتدائي أفقيا بشكل كامل كي نقفز ونحرق المراحل إلى السلك الإعدادي والثانوي عموديا؟ هل فعلا تم تقعيد اللغة الأمازيغية ومعيرتها وأصبحت جاهزة لتعليمها في كل أقطاب المغرب دون مقاومة مجتمعية؟ هل تمت دراسة مدى إقبال المغاربة سوسيولوجيا وسيكولوجيا على تعليم الأمازيغية لأبنائهم أم أن الأمر لا يعدو أن يكون قرارا فوقيا يتجاوز كل المعطيات الموضوعية والبراكماتية؟"

في المقابل، يعتبر رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، عبدالله بادو، أن الحركة الأمازيغية بشكل عام تستقبل المبادرة بتوجس كبير، وتعتبرها دون مستوى الانتظارات والالتزامات، بحكم أن قطاع التعليم من بين القطاعات ذات الأولوية في ورش النهوض باللغة والثقافة المغربية، باعتبار ما تضمنه حديث الوزير من إجراءات وتدابير لن يسهم في الوفاء بالتزامات الدولة في مجال تعليم اللغة الأمازيغية كما ورد في القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي لتلك اللغة.

كما يرى بادو أنه "بالنظر إلى المعلومات المتوفرة لدينا ومحتوى تصريح الوزير، فهي بعيدة جداً عن تملك مقتضيات القانون التنظيمي، كما أن تصريح الوزير لا يرقى لأن يشكل خارطة طريق واضحة المعالم للنهوض بتدريس اللغة الأمازيغية، ولن يحقق الغايات الدستورية ولا أهداف القانون التنظيمي"، معتبراً أن منهجية الاشتغال على خطة العمل القطاعية، لم تكن تشاركية، كما نص على ذلك الدستور، فالوزارة لم تتواصل مع الجمعيات والفعاليات المشتغلة على موضوع تدريس الأمازيغية، بخاصة جمعيات المدرسين والمدرسات والخبراء الذين واكبوا تجربة تدريسها منذ 2003 إلى يومنا هذا.

ويخلص بادو إلى أن الخطوة يمكن اعتبارها ارتجالية، ولا تستند إلى معطيات وتقييمات للتجارب السابقة، ولا تستشرف بشكل استباقي حاجيات المدرسة المغربية من الأطر والكفاءات للنهوض بتدريس الأمازيغية، وتعزيز مكانها في المنظومة التربوية، كما أنها ستبقى بعيدة جداً عن تحقيق نتائج وفق الانتظارات المرسومة في القانون التنظيمي، ولن تحترم الآجال التي ينص عليها هذا الأخير .

إخلال الحكومة بالالتزامات المتعلقة بتدريس الامازيغية

تلاحظ  الحركة الأمازيغية تقصير الدولة بخصوص التزاماتها تجاه الثقافة الأمازيغية، حيث أكد الناشط الأمازيغي أنه من خلال مقارنة وتقييم التزامات الوزارة، التي تضمنها تصريح وزير التعليم، والتزامات الدولة في مجال قطاع التدريس، يتبين أن الوزارة ركزت على بعض الإجراءات والتدابير في مجالات محددة، بخاصة في سلك التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي، وأغفلت عديداً من التزاماتها في مجالات أخرى لا تقل أهمية، التي نص عليها القانون التنظيمي 26.16، فقد رصدنا تغييب عديد من الالتزامات ومن أهمها، تعميم تدريس الأمازيغية، بكيفية تدريجية في مستويات التعليم الأولي، والابتدائي، والإعدادي والتأهيلي، في أفق خمس سنوات تغطى كافة مؤسسات التعليم الأولي والتعليم الابتدائي، والتعليم الثانوي الإعدادي، والتعليم الثانوي التأهيلي بأساتذة مؤهلين لتدريس الأمازيغية في حدود 2026.

وحول هذا الالتزام، يتضح بحسب بادو أن العدد المعلن 400 أستاذ متخصص لتدريس اللغة الأمازيغية سنوياً، لن يحقق الغاية ولا يحترم الأجل المحدد في القانون التنظيمي، علماً أن تعميم تدريسها في التعليم الابتدائي.  وبناء على آخر الإحصاءات بخصوص عدد أساتذتها، فالوزارة لن تستطيع تعبئة إلا نحو 10 في المئة من هذا العدد بالوتيرة المقترحة بعد انقضاء الآجال المحددة لها.

كما يشير بادو إلى إخلال الوزارة بمبدأ تعميم تدريسها، بكيفية تدريجية في التكوين المهني، وإحداث مسالك تكوينية ووحدات للبحث المتخصص في اللغة والثقافة الأمازيغيتين في مؤسسات التعليم العالي في أجل عشر سنوات، وبمبدأ ضرورة إدماج اللغة الأمازيغية في برامج محو الأمية والتربية غير النظامية.

من جانبه يعتقد رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، أنه من  خلال تحليل خارطة طريق وزارة التعليم بشأن سبل الرفع من وتيرة تعميم تدريس اللغة الأمازيغية على الأسلاك التعليمية الثلاثة، يتضح أن الأمر أعد على عجل، ما جعل المؤسستين لا تستحضران عديداً من المعطيات الميدانية والتحديات والإكراهات، التي ستواجه الوزارة لتفعيل التزاماتها كما وردت في القانون التنظيمي 26.16.

ويدعو الناشط الأمازيغي الوزارة ومؤسسة المعهد إلى اعتماد مقاربة،  ومنهجية علمية دقيقة  قادرة على بلورة مؤشرات واضحة ودقيقة، نابعة من رؤية متملكة لورش تعميم تدريس اللغة الأمازيغية وإدماجها في مجال التعليم، وكذا العمل وفق مقاربة تشاركية أثناء إعداد سياستها ذات الصلة بتفعيل القانون التنظيمي، لتفعيل الطابع الرسمي لهذه اللغة.

المصدر :  مجلة independentarabia بتصرف.