الهوية الأمازيغية هي الدواء الناجع للقضاء على إيديولوجية البوليساريو القومية العربية الانفصالية ...بقلم مبارك بلقاسم

بقلم : الاستاذ مبارك بلقاسم

كيف يجب على المغرب أن يرد على أيديولوجية البوليساريو وخطابها الهوياتي ومشروعها السياسي؟

المغرب يجب أن يقول للبوليساريو وللعالم: المغرب هوياتيا بلد أمازيغي وصحراؤه الجنوبية أمازيغية وشعبه أمازيغي بدلائل التاريخ والجغرافيا. لا مكان لجمهورية عربية على أرض أمازيغية مغربية. من يريد إقامة جمهورية عربية صحراوية فليذهب إلى قارة آسيا حيث يوجد العرب والصحارى العربية. لا يوجد شيء اسمه “الشعب الصحراوي”. لا يوجد شيء اسمه “اللغة الصحراوية”. هناك شعب أمازيغي مغربي.البوليساريو تريد تعريب المنطقة ومحو هويتها الأمازيغية الأصلية.



ولكن على أرض الواقع ماذا يردد المغاربة دولة وشعبا؟ لا يعرف المغرب الرسمي والشعبي إلا ترديد عبارة “الصحراء مغربية!”

وهي عبارة صحيحة ولكنها غير كافية وغير مقنعة للشباب الانفصالي والأجانب. ويسهل على البوليساريو وبقية الانفصاليين أن يردوا على المغرب ويقولوا: الصحراء صحراوية عربية ولهذا أعلننا جمهوريتنا العربية الصحراوية عام 1976!

أين هو رد المغرب على كلمة “العربية” في عبارة “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”؟!

غير موجود!

هناك حرج وعار وارتباك وخجل كبير لدى عامة المغاربة وخصوصا لدى الإسلاميين والقوميين العرب منهم تجاه عبارة “الجمهورية العربية”.

لا يستطيعون الرد على عروبة البوليساريو وجمهوريتها العربية ويصيبهم البكم والشلل أمام كلمة “الجمهورية العربية” ويكتفون بالتكرار الببغائي لعبارة “الصحراء مغربية.. الصحراء مغربية” رافضين مواجهة ومجابهة الطابع القومي العربي للمشروع الانفصالي.

يعاني المغرب من مشكلة البوليساريو منذ عام 1976. وقد تأسس هذا المشروع الانفصالي على أساسين:

– في شقه الأيديولوجي الهوياتي على أيديولوجية القومية العربية.

– في شقه السياسي على الصراع المغربي الجزائري وعلى تأخر تحرير الصحراء المغربية الجنوبية من الاحتلال الإسباني وفوضى ترسيم الحدود مع موريتانيا.

بصرف النظر عن الردود السياسية والقانونية والدبلوماسية البروتوكولية التي تستعملها الدولة المغربية للدفاع عن وحدة المغرب، لا يتم استخدام الرد الفكري الهوياتي المغربي/الأمازيغي على المزاعم الهوياتية التي يبثها انفصاليو البوليساريو ويؤسسون عليها شرعية مطالبهم.

فالرد الفكري الهوياتي الأمازيغي قادر على تشكيل ثقل سياسي وإعلامي لا يستهان به ويستطيع أن يحسم المعركة فكريا في الحوار مع انفصاليي الداخل ويسحب البساط من تحت البوليساريو فكريا وأيديولوجيا.


لقد خسر المغرب كثيرا بسبب استهانته بهويته الأمازيغية وهرولته وراء أيديولوجية القومية العربية التي لم تجلب عليه إلا المصائب والكوارث وأهمها البوليساريو.

الانفصاليون البوليساريون يبنون أيديولوجيتهم الانفصالية على ثلاثة أركان:

– أن هناك شيئا اسمه “الشعب الصحراوي” مختلف عن الشعب المغربي.

– أن هذا الشعب الصحراوي المزعوم “عربي ينتمي إلى العالم العربي”، ولهذا أعلنت البوليساريو “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” عام 1976.

– أن المغرب بلد مختلف يحتل هذه الرقعة الجغرافية التي رسمت إسبانيا وفرنسا حدودها.

هذه مزاعم هوياتية وليست مجرد مطالب سياسية. أين هو الرد الهوياتي والفكري على هذه المزاعم الهوياتية الانفصالية القومية العربية؟!

فمجرد تكرار عبارة “الصحراء مغربية” ليس ردا هوياتيا فكريا مقنعا وبالتالي ليس مقنعا سياسيا. ومن السهل على البوليساريو أن ترد فتقول إن “الصحراء عربية صحراوية”. إنه حوار طرشان.

فعلى سبيل المثال تزعم إسبانيا أيضا أن مليلية (Mřič) وسبتة و21 جزيرة مغربية تحتلها هي أراض إسبانية حكمت إسبانيا بعضها حتى قبل تأسيس الدولة العلوية في 1666، والمغرب يرد عليها فيقول إنها “أراض مغربية”. ولكن هذا الرد المغربي لا يقنع أحدا خارج المغرب. فالرد الهوياتي على المزاعم الإسبانية إنما يكون بالغوص في التاريخ والجغرافيا والاستشهاد بأدلة التاريخ والجغرافيا التي تؤكد أن مليلية وسبتة والجزر الـ21 هي أراض أمازيغية منذ القديم سكنها الأمازيغ منذ القديم وكانت دائما تحت الحكم الأمازيغي منذ القديم وهذا يجعلها أراض أمازيغية مغربية اليوم لأن المغرب أمازيغي.



إذن فالرد على المزاعم الهوياتية للبوليساريو لا يكون بالتكرار الببغائي لعبارة “الصحراء مغربية”، فرغم أنها عبارة حقيقية فهي ليست فعالة. وإنما يجب بناء الرد الحجاجي الهوياتي المغربي الأمازيغي على أساس هوياتي تاريخي جغرافي أعمق وأقوى عبر البرهنة لهؤلاء الانفصاليين ولبقية العالم بأن الصحراء المغربية ليست أرضا عربية وإنما هي أرض أمازيغية سكنها شعب أمازيغي هو نفسه الشعب المغربي الحالي.

ويجب جعل الهوية الأمازيغية للمغرب ولصحرائه ولسكانه رأس الحربة في الخطاب الإعلامي المغربي الرسمي والمستقل والشعبي.

يجب على المثقفين المغاربة أن يستيقظوا من غفلتهم ويبدأوا بتثقيف الشعب والعالم حول الهوية الأمازيغية للمغرب ولصحرائه ودحض أكذوبة عروبة الصحراء المغربية وتبيان بطلان الأساس الهوياتي للجمهورية العربية الصحراوية التي أعلنتها البوليساريو عام 1976.

1) خرافة “الشعب الصحراوي”:

هناك استخدام مجازي مقبول لمفهوم “الشعب”. فيمكن أن نقول: الشعب الطنجاوي، الشعب الريفي، الشعب السوسي، الشعب الكازاوي الأنفاوي، الشعب الدكالي، الشعب الأطلسي، الشعب الفاسي، الشعب المراكشي، شعب الجبال، شعب السهول، شعب الصحراء… إلخ.

ولكن لا يوجد “شعب صحراوي” تاريخي حقيقي بالمعنى الإثني. وإنما يوجد أمازيغ جنوبيون/صنهاجيون بالمعنى التاريخي والإثني القديم وهم مثلا من أسس الامبراطورية الأمازيغية المرابطية التي عاصمتها مراكش. وقد هاجرت إلى منطقة الصحراء الجنوبية عبر التاريخ بعض الجماعات الإثنية الأجنبية مثل أفارقة جنوب الصحراء من قبائل Bambara وMandé الأفريقية وقبيلة بني حسان العربية من آسيا وكلهم اختلطوا مع الأمازيغ الأصليين الذين هم الصنهاجيون Iẓnagen. كما أن الأمازيغ الطوارق اختلطوا أيضا مع جيرانهم الصنهاجيين عبر التاريخ.

إذا أردنا تعريفهم تعريفا إثنيا تاريخيا فسكان الصحراء الجنوبية المغربية في عمومهم ومجملهم أمازيغ صنهاجيون أي Iẓnagen (إيزناگن) تعربوا لغويا بتأثير الإسلام كما تعرب لغويا أمازيغ مدن أنفا وطنجة ووجدة وأسفي ومراكش وفاس ومنطقة دكالة مثلا. فالصنهاجيون / إيزناگن معروفون بأنهم أمازيغ الصحراء والواحات. وكلمة Aẓnig أو Aẓnag الأمازيغية تعني حرفيا “الواحة”.

أما الصحراء كمجال جغرافي طبيعي فهي ليست حكرا على المغرب وإنما الصحراء تمتد على عدة بلدان في أفريقيا وآسيا وأمريكا وأستراليا. ونستطيع أن نقول مجازا أيضا:

– “الشعب الصحراوي في الصحراء الجزائرية الغربية”.

– “الشعب الصحراوي في الصحراء المغربية الشرقية”.

– “الشعب الصحراوي في الصحراء الجزائرية الجنوبية”.

– “الشعب الصحراوي في موريتانيا”.

– “الشعب الصحراوي في السعودية”.

– “الشعب الصحراوي في العراق وسوريا”.

– “الشعب الصحراوي في تونس”.

– “الشعب الصحراوي في مصر”.

– “الشعب الصحراوي في النيجر”.

– “الشعب الصحراوي في أستراليا”.

كل الصحارى في العالم يوجد فيها “شعب” يسكنها.

“الشعب الصحراوي” بمعناه الإثني غير موجود.

كما أنه لا توجد “لغة صحراوية” في منطقة المغرب الجنوبي ولا في الجزائر ولا موريتانيا.

في الصحراء المغربية الجنوبية كانت هناك اللغة التاريخية الأصلية وهي الأمازيغية الصنهاجية (لغة المرابطين ويوسف بن تاشفين) وهناك اللغة أو اللهجة العربية الحسانية التي هي لغة وافدة من قارة آسيا.

وما زال هناك في جنوب موريتانيا عدد من السكان الناطقين باللغة الأمازيغية الصنهاجية.

وهناك قاموسان جديدان لهذه الأمازيغية الصنهاجية اسمهما:

– Dictionnaire zénaga français الذي صدر عام 2008.

– Dictionnaire françaiszénaga – berbère de Mauritanie الذي صدر عام 2010.

وهذان القاموسان من إنجاز الباحثة Catherine Taine-Cheikh وصدرا عن دار النشر الألمانية Rüdiger Köppe Verlag في مدينة Köln الألمانية.

2) خرافة الهوية العربية للصحراء المغربية الأمازيغية الجنوبية:

الصحراء الجنوبية للمغرب أرض أمازيغية وليست عربية.

الأرض العربية موجودة في قارة آسيا وليست موجودة في قارة أفريقيا.

السكان الأصليون لهذه الأرض عبر التاريخ وإلى اليوم هم الأمازيغ.

“الجمهورية العربية” على أرض أمازيغية مغربية خبل وهبل وجنون يشبه “الجمهورية العربية في الصحراء الصينية”.

هذه حقائق بديهية بالنسبة لمن قرأ التاريخ وعرف الجغرافيا ولكنها حقائق صعبة الهضم لدى انفصاليي البوليساريو ولدى بقية القوميين العرب المغاربة الذين تربوا على أيديولوجية القومية العربية الممزوجة مع الإسلام السياسي ذي النزعة التعريبية.

ولهذا يجب شرح هذه البديهيات للناس والتوسع في تفاصيلها وجعلها محورا للنقاش مع الانفصاليين الداخليين والخارجيين.

هذه البديهيات هي جوهر الرد على أطروحة البوليساريو الهوياتية الباطلة وعلى جمهوريتهم العربية الصحراوية التي أعلنوها عام 1976.

عندما يستوعب الشباب الانفصالي (انفصاليو الداخل) هذه الحقائق التاريخية ويكتشف تاريخ أجداده الأمازيغ الحقيقيين فسيتخلى عن أيديولوجية الانفصال الهدامة وحلم الجمهورية العربية على الأرض الأمازيغية المغربية وسيتحول إلى شباب بنّاء يناضل من أجل الشغل والحريةوالعدل والديمقراطية مثل شباب حراك الريف وجرادة Jṛada وزاگورة Zagura وطنجة Ṭanja وأنفا Anfa ومراكش Meṛṛakec وتاونات Tawnat.

الهوية الأمازيغية ليست وصفة سحرية لعلاج مشكل الانفصال وإنما هي الرد الهوياتي الفكري الصحيح على المزاعم الهوياتية للانفصاليين البوليساريين القوميين العرب.

عندما نرد ردا صحيحا على مزاعم الانفصاليين ونبين فساد أطروحتهم وخطأ مزاعمهم فستسقط الشرعية الهوياتية لمشروعهم ولن تبقى لديهم إلا الأطماع السياسية العارية.

أما المغربي الذي يقول أن “المغرب عربي” وأن “الصحراء عربية” فإنه يساند (بوعي أو بدون وعي) أيديولوجية البوليساريو القومية العربية الانفصالية ويشرعن جمهوريتهم العربية الانفصالية.

3) خرافة “الاحتلال المغربي” لصحرائه الجنوبية:

إذا كان المغرب يحتل صحراءه الجنوبية فإن موريتانيا تحتل صحراءها، والجزائر تحتل صحراءها، وتونس تحتل صحراءها، وليبيا تحتل صحراءها، ومصر تحتل صحراءها، ومالي تحتل صحراءها.

إذا كان البوليساريو يريد تحرير صحراء المغرب من المغرب فلماذا لا يحرر صحراء موريتانيا من موريتانيا وصحراء الجزائر من الجزائر وصحراء تونس من تونس وصحراء مالي من مالي؟!

إذا استوعب أنصار البوليساريو وانفصاليو الداخل أن الصحراء المغربية الجنوبية أرض أمازيغية وليست عربية وأنهم مجرد أمازيغ صنهاجيين مستعربين لغويا فهل سيستمرون في الإيمان بمشروع الجمهورية العربية الصحراوية وخرافة الشعب الصحراوي العربي الوهمي؟

الانفصال عن ماذا ولماذا؟!

أمازيغ مغاربة جنوبيون ينفصلون عن أمازيغ مغاربة شماليين. لماذا؟! ما الفائدة؟!

هل من أجل رفع راية عربية منسوخة من راية فلسطين على العيونLeɛyun والداخلة Eddaxla وبير گندوز Bir Genduz وبير أنزارن Bir Anzaren؟!

ما علاقة العرب والعروبة في قارة آسيا بمدينة إيمليلي Imlili الصغيرة في أقصى جنوب المغرب أو بمدينة گلتة زمّور Gelta Zemmur المغربية الجنوبية؟!

الهوية الأمازيغية وحقائق التاريخ الأمازيغي والجغرافيا الأمازيغية تنسف الأساس الهوياتي للانفصاليين البوليساريين وانفصاليي الداخل،وتبين مشروعهم السياسي على حقيقته كمجرد عملية نصب واحتيال هدفها الاستيلاء على 266.000 كيلومتر مربع من الأراضي والثروات والسواحل.

ذلك هو العلاج الهوياتي الفكري الأمازيغي الذي يجب أن ينبني عليه العلاج السياسي الجديد للمشكل. أما العلاج العملي لمشكل الانفصال فهو يكون بالديمقراطية وحرية التعبير والتنمية في إطار المغرب الأمازيغي الموحد.

إذن باختصار:

– لا يوجد شيء اسمه “شعب صحراوي”.

– لا يوجد شيء اسمه “لغة صحراوية”.

– الصحارى أراض جافة موجودة في كل القارات.

– المغرب بسهوله وجباله وصحاراه أرض أمازيغية وليس أرضا عربية ولا إسبانية ولا فرنسية.

– الشعب الأمازيغي المغربي هو صاحب ومالك هذه الأراضي الأمازيغية المغربية.

– أرض العرب موجودة في قارة آسيا وليس في قارة أفريقيا.

– شعب العرب موجود في قارة آسيا وليس في قارة أفريقيا.