هجومات الرعاة الأعراب البدو الرحل على أراضي السكان الامازيغ جنوب المغرب تستنفر أبناء المنطقة

شهدت مؤخرا أراضي بعض مناطق سوس وخصوصا منطقة إدوسكا أوفلا، التابعة للنفوذ الترابي لإقليم تارودانت جنوب المغرب، زحف جحافيل الرعاة الاعراب البدو الرحل القادمين من عمق الصحراء بقطعانهم الكبيرة من الابل والاغنام وتخريبهم لحقول و مزروعات الساكنة مع اعتداءاتهم الهمجية العنيفة ضد الشيوخ البسطاء المعترضين لهم بحكم هجرة جل الشباب للعمل بالمدن الداخية ومكوت النساء والشيوخ والاطفال فقط بالمنطقة .

وبعد هذه الاعتداءات التي تطال ساكنة المنطقة على أيدي هؤلاء الرعاة البدو الرحل، إجتمعت 29 جمعية محلية في لقاء بالرباط، طالبت خلاله بتدخل السلطات قبل تتطور الاوضاع الى ما لا يحمد عقباه، مع إعلانهم مراسلة الديوان الملكي والحكومة في الملف، بجانب إعدادهم لمسيرة  إلى مقر البرلمان بالعاصمة لأجل حث السلطات المعنية للتدخل لرفع هذا الظلم  قبل تطور الامور الى ما لا تحمد عقباه .



شهادات بعض السكان :
نشقى طوال السنة في حقولنا وفجأة ومثل الجراد يخرج هؤلاء الرحل كل سنة كالجراد بجمالهم وقطعانهم من الماعز والغنم ويفترسون كل شيء ويتركونها خاوية على عروشها بل ويشربون كل احتياطاتنا من المياه.
وويحك إن تكلمت معهم، سينهالون عليك بالسب والشتم والضرب . والسلطات تنحاز لهم ، فكم من شخص قتلوه ولم يحاسبهم احد. أتذكر أن أبناء أحد الدواوير المجاورة حاولوا التصدي لهم ورميهم بالحجارة. فما كان من الرحل إلا الاتصال عبر الهاتف النقال وفي لحظات أجتمعت في الدوار العديد من سيارات الدفع الرباعي مليئة بقوات الدعم من الرحل وتم الاعتداء على سكان الدوار  وكسر نوافد وابواب العديد من المنازل، والسلطات المحلية لا تكتثرت لشكايتنا الكثيرة والدولة إذا هاجم الجراد البلاد فقد تقوم بمحاربته أما الرحل فتحميهم وإن تكلمت معهم يقول لك "هذي أرض مولانا".

هؤلاء الرعاة لايهمهم شيء إلا مصلحتهم يخربوت مزروعات السكان وقضوا على أشجار الاركان واللوز والصبار و لم ينجوا شيء. يطلقون ماشيتهم في حقول وأملاك الناس بلا خوف.أي مكان يحطون به الرحال لايغادروه إلا بعد تحويله لارض جرداء كما لو هجم عليه الجراد.هناك قرى هجرها أبناؤها الرجال للعمل إما بالمدن او الخارج وتركوا نساءهم وأبناءهم الصغار فقط واقتراب هؤلاء الرعاة من المداشر والدواوير يعرضهم للخطر. والاخطر استيلاؤهم على مياه المطفيات بالقوة لسقي ماشيتهم الكثيرة .والمطفية التي تجمع مياه الامطار لم تسقط من السماء بل تحمل الناس أعباء حفرها وبنائها لخزن مياه الامطار ولا تمتلئ إلا برحمة من الله لان المنطقة جافة وقليلة التساقطات ويأتي هؤلاء الرحل و يفرغونها بالكامل في رمشة عين وهم لديهم الامكانيات لشراء المياه. مشكلة الرعاة الرحل ستشعل فتنة لأن الناس ضاقوا درعا بهم والا سيعملون شرع اليد لحماية ممتلكاتهم وذويهم مادام هؤلاء فوق القانون والجهات المعنية غير مكترثة  لطغيانهم .

الاجتماع الذي عقدته الجمعيات المحلية  حضره نشطاء حقوقيون وممثلون عن فعاليات المجتمع المدني بمنطقة "إدوسكا أوفلا" التابعة لجماعة "تومليلين"، ناقش استعداد الفاعلين الكامل من أجل التنسيق مع جمعيات المجتمع المدني بالمناطق المجاورة المستهدفة من الرعاة الرحل "من أجل حماية أراضينا من بطش الرعاة واستعدادنا التام للدفاع عن حقنا المشروع بكل الوسائل والطرق القانونية".

"تكتل غاضب" يجمع ضحايا "الرعي الجائر" ويطرق باب القصر

واستنكر الحاضرون ما وصفوه بـ"سياسة الاستهتار بأمن واستقرار ساكنة إدوسكا أوفلا" وبـ"سياسة الميز والكيل بمكيالين التي تنهجها السلطات بإقليم تارودانت في حق السكان الأصليين"، حيث طالبوا بـ"الكشف عن الجهات الحقيقية التي تحمي مرتكبي الرعي الجائر" و"المساندة الكاملة لساكنة المنطقة في محنتهم ضد الاستغلال والإقطاع".

وقررت جمعيات "إدوسكا أوفلا" طرق باب القصر الملكي، حين أعلنت، في البيان الختامي للقاء الذي عقد بالرباط ويعقبه لقاء ثان في تارودانت، أنها ستراسل بشكل موحد الديوان الملكي، بجانب رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية وقيادة الدرك الملكي وعامل عمالة تارودانت، من أجل "أن يتحملوا جميعا المسؤولية" و"في حالة عدم الاستجابة لمطالبنا والتدخل لوضع حد لاعتداءات الرعاة الرحل سوف نعلن عن مسيرة موحدة بالرباط تجمع جميع أبناء هذه المناطق".

أحمد عصيد، رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، اعتبر أن أصل ما وصفه بـ"الاستيلاء على أراضي المواطنين بغير حق" تبقى "سياسة تمارسها جهات في الدولة ولم تشرعها الحكومة والبرلمان؛ فليس هناك قانون يتحدث عن هذا الجور"، مشيرا إلى أن قضية "الرعي الجائر" والأراضي السلالية والغابوية تنضاف إلى قضايا أخرى ما زالت تؤرق المواطن المغربي، مثل الشغل والصحة والتعليم"، على حد تعبيره.
مداخلة الاستاد احمد عصيد 

وشدد الحقوقي والناشط الأمازيغي على ضرورة تأسيس تكتلات محلية ووطنية من أجل مواجهة تجاوزات الرعاة الرَّحل، على أن تأخذ تلك التكتلات صبغة احتجاجية، عبر صياغة عرائض وطرح الملف على أنظار سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، لأنه "لا بد من حملة إعلامية مكثفة على المستوى الوطني والدولي من أجل أن يصل الصوت للدولة التي ينبغي أن تتحمل مسؤوليتها"، يقول المتحدث.

عادل أداسكو، رئيس "الجمعية الثقافية لإدوسكا أوفلا" وعضو اللجنة المكلفة بمتابعة ملف "اعتداءات الرعاة الرحل على أراضي وأملاك الساكنة"، تساءل قائلا: "هل هؤلاء الرعاة قوةٌ فوق القانون، أم أنهم متميزون عن بقية أبناء الشعب، أم أن لهم امتيازات من جهات عليا؟"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هيئات المجتمع المدني "وبالرغم من اختلاف طرق عملها، فإنها قادرة على خلق تكتل واحد للدفاع عن ضمان الحق في العيش الكريم".

وأورد أداسكو، في اللقاء المذكور المنعقد بالعاصمة، أن مشكل الرعاة الرحل يبقى من أبرز المشاكل التي تعرفها المنطقة، "يبقى هدفنا اللحظة هو البحث عن حل عاجل، من خلال توحيد الصفوف من خلال الجمعيات والساكنة"، مشيرا إلى أن الهدف يبقى "تحرير أراضينا من هؤلاء الرحل الذين اعتدوا على الساكنة"، مقترحا في هذا السياق "تحفيظ الأراضي عن طريق الجماعة؛ لأنها خطوة يمكن سلكها بطريقة سهلة".