أستاذ علم اجتماع مغربي يحذر المخزن من تحول الاحتجاجات الى ثورة اذا استمر القمع و تجاهُل مطالب المحتجين

حذر أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس إدريس بنسعيد  أنَّ حراك الريف والحركات الاحتجاجية التي يشهدها المغرب هي إعلان لوجود أزمة سياسية حقيقة في البلاد ، مشيرا إلى أنَّ الدولة "هي المسؤولة عن تضييق الحياة السياسية وقتْلها، وبالتالي قتل الديمقراطية".

وفسّر بنسعيد صمْت السلطة وعدم تفاعُلها مع الحركات الاحتجاجية التي يشهدها المغرب، بوجود مشروع ابتدأ منذ خمس عشرة سنة، سمّاه "المشروع المخزني المنغلق على ذاته"، قائلا إنّ هذا المشروع يعودُ الآن بقوة، "ويشتغلُ بخدّام الدولة وليسَ المؤسسات، وهو مشروع صامت، وإذا تحدّث فهو بتحدّث بالإشارات وليس بلغة مباشرة".

غيْرَ أنَّ "التنبّؤ بمصير هذا المشروع، يُردف بنسعيد، وما إنْ كانَ سيتكرّس أكثر مستقبلا، صعب؛ لأنّ الحركة الاحتجاجية لم تعُد مُؤطّرة من لدن أحزاب أو نقابات يُمكن التفاوض معها، بل هي حركات عفوية يقودها جيل من الشباب، مضيفا أنَّ هذه الحركات يُمكن أن تتحوّل، في أيّ لحظة، إلى "تمرّد أو ثورة".

وحذّر بنسعيد من خطورة تجاهُل الدولة لمطالب المحتجين، ولجوئها إلى حشْد ألوية موالية لها، لمواجهتهم، أو "مواجهة الشعب بشعب آخر"، وفق توصيفه، معتبرا أنّ ذلك "يشكّل أقصى درجات الخطر".



وأضاف إدريس بنسعيد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس، أنّ تخيير الشعب بين القبول بالوضع القائم، أو الانزلاق نحو الفوضى التي تعيش تحت نيرها بلدان أخرى، ينطوي على مخاطرة جمّة، مشدّدا على أنَّ "ما نحتاج إليه هو التعقّل والمعقولية السياسية".

و في تحليلٍ له من زاوية علم الاجتماع للحركات الاحتجاجية التي يشهدها المغرب خلال السنوات الأخيرة، والتي بلغتْ أوجها مع الحَراك الشعبي الذي تشهده منطقة الريف منذ حوالي ثمانية أشهر، قالَ إدريس بنسعيد، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس، إنَّ توالي الحركات الاحتجاجية "هو تعبير عن أزمة تخترق المغرب كلّه".



وتطرّق بنسعيد، في مداخلة له ضمن ندوة نظمتها المنظمة الديمقراطية للشغل مساء الخميس حول موضوع "المُساءلة الاجتماعية والحركات الاحتجاجية"، إلى الحَراك الذي يعرفه الريف منذ شهر أكتوبر من السنة الماضية، معتبرا أنّ ما يحدث هناك هو انبثاق جديد للأحداث التي شهدتها المنطقة خلال سنتي 58 و59 من القرن الماضي.

"هناك اليوم جيل جديد يحتج في الريف، وهناك قيَم جديدة ومُعطيات جديدة، لكنّ المطالب ظلّت هي نفسُها، ذلك أنّ المطلبَ الأساسي هو الكرامة، لأنَّ الناس يشعرون أنّهم يُعاملون كأشياء، ويمكن إرضاؤهم ببعض الإجراءات التقنية"، يقول بنسعيد، لافتا إلى أنَّ الجيل الجديد يتميز بقوة تواصلية هائلة، بفضل الصحافة الرقمية التي تنقل الأخبار بسرعة، فضلا عن مواقع التواصل الاجتماعي.


إن المفارقة، يسجّل أستاذ علم الاجتماع، تكمن في أنَّ القوة الهائلة التي يتمتع بها شباب الحراك في الريف على مستوى الخطاب التواصلي، لا تلقى إجابات من لدن الدولة، وحتى إذا كانت هناك بعض الإجابات، فإنها تتمُّ بالوكالة، أو باستعمال مصطلحات تمتح من القاموس القديم، "وهذا مؤشر على وجود أزمة سياسية كبيرة"، وفْق تعبيره.