بالصور: أمازيغ أسامر ينظمون تظاهرة ليلية عارمة تضامنا مع حراك الريف وتنديدا بالتهميش والإقصاء والتمييز

تفاعلا مع ما تعيشه مدينة الحسيمة ونواحيها منذ سبعة أشهر متتالية من حراك شعبي، تطالب فيه الساكنة بحقوقها، وتنديدا بالاعتقالات الأخيرة في صفوف العديد من أبناء الريف، نظمت فعاليات مدنية وأمازيغية نشيطة بالجنوب الشرقي (اسامر)، هذه الليلة، بمدينة تنغير، تظاهرة احتجاجية لدعم الحراك الشعبي بشمال المغرب وتنديدا بالتهميش والإقصاء والتمييز التي ترزخ تحته منطقة اسامر والجنوب الشرقي عامة  .


وعبرت الفعاليات المشاركة في هذه التظاهرة عن تضامنها اللامشروط مع أبناء الريف، معلنة استنكراها ما سمتها "الاعتقالات التعسفية في حق المناضلين الذين احتجوا بطرق سلمية من أجل تحقيق مطالب الساكنة". كما شكلت هذه التظاهرة مناسبة، وفق تعبير أحد الداعين إليها، من أجل كسر هاجس الخوف، الذي سكن قلوب أبناء اسامر لعقود من الزمن.


وعرفت هذه التظاهرة الاحتجاجية والتضامنية رفع أعلام أمازيغية، ولافتات أعلن من خلالها المحتجون دعم حراك الريف، ومطالبتهم بإطلاق سراح جميع المعتقلين، ولافتات أخرى عبروا من خلالهما عن رفضهم جميع أشكال التمييز و"الحكرة" والتهميش المفروضة على اسامر؛ فضلا عن شعارات صدحت بها حناجر المشاركين، من قبيل "المعتقل ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح"، و"تحية نضالية الحسيمة الصامدة"، و"كلنا الزفزافي".



حميد اعطوش، المعتقل الأمازيغي السابق، وأحد الداعين إلى هذه التظاهرة، أكد أن الأخيرة، التي نجحت بكامل المعايير التي تتطلبها مثل هذه المناسبات، هي فرصة لتأسيس حراك اجتماعي بالجنوب الشرقي "اسامر"، مشيرا إلى أنها تعد نقطة البداية لحراك شعبي، ستقوده لجنة سيتم فرزها لاحقا، مع تشكيل لجان محلية.

وذكر المتحدث ذاته، في حديثه لهسبريس، أنه تم اختيار مدينة تنغير لتأسيس حراك شعبي باسامر، لكونها توجد "وسطه"، إلا أن الحراك سينتشر بمختلف مناطق الجهة، من خلال التنسيق بين اللجان المحلية التي سيتم كشفها لاحقا، مشددا على أن هذه التظاهرة تسعى من خلالها الجهة الداعية إليها إلى إيصال رسالة إلى من يهمهم الأمر، تقول "كفانا من التهميش والإقصاء والتمييز"؛ فضلا عن كسر ما سماه "جدار الخوف" لدى أبناء الجنوب الشرقي.

نشطاء "اسامر" يدعمون "حراك الريف" بوقفة احتجاجية في تنغير

وأشار اوعطوشى إلى أن لكل منطقة شهيدها، فالريف له الشهيد محسن فكري الذي قتل من أجل لقمة العيش، وللجنوب الشرقي عمر خالق الذي قتل لأنه كان يعارض سياسة الريع، ويطالب بتوزيع العادل للثروات، حسب تعبيره.

"خرجنا اليوم بعد إحساسنا بعسكرة الألم والأسى في قلوبنا، وقررنا أن نجعل من هذا اليوم تضامنيا مع ما يعيشه حراك الريف من قمع واختطاف في أبشع تجلياتهما، بالرغم من سلميته ومشروعية"، بهذا بدأ موحى ابن ساين، الشاعر الأمازيغي، وأحد الداعين إلى هذه التظاهرة، حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية.

وقال المتحدث ذاته: "هذا اليوم بالنسبة لي فرصة لتأمل صادق في إستراتيجية متينة لانتشال ربوع أسامر من غياهب التهميش والإقصاء"، وأضاف: "خرجنا هذه الليلة المباركة من أجل إطلاق صرخة في وجه الاستبداد، وفي وجه من يريد أن يمنعنا من فضح كل المنغصات الرامية إلى تجفيف آمالنا المشروعة في الرقي بهذه الربوع الغالية ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا"، مسترسلا: "نريد أن نجعل من هذه التظاهرة صرخة مدوية نسائل فيها السياسات العمومية الفاشلة أو اللاشعبية واللاعمومية في تدبير مختلف القطاعات التي أدت إلى احتقان اجتماعي بالمنطقة قد يهدد السلم الاجتماعي في ما سيأتي من الأيام".

وزاد ابن ساين: "في البلاد، الكل يموت سوى الأحقاد، إذ الدولة مازالت تحمل منسوبا كبيرا من الحقد تجاه المناطق التي قاومت الاستعمار والمهانة، وفي وقت تنتظر جبر ضررها الجماعي تفاجأ بتصريف مقيت وممنهج لهذا الحقد عبر "مؤسساتها" في إطار العقاب الجماعي"، وزاد: "وعليه، ها نحن نخرج بعد أن تهاوت الثقة كليا في ما يسمى بالمؤسسات، ولم نجد بديلا عن الشارع لإحقاق حقوقنا".

وأضاف المتحدث ذاته: "أهلي يعيشون تحت خيرات معدنية متنوعة وغنية لا تنضب، ولازلنا نرصد مشاهد فقر مدقع تشيب لهولها الولدان"، وزاد: "خرجنا آملين أن يكون هذا اليوم بداية لتحول حقيقي يتجاوز الاتهامات بالخيانة وصناعة مآسي الماضي وبلقنة الحاضر وكهربته إلى رهان مستقبلي موسوم بالعمل المشترك، على قاعدة تشخيص دقيق للأمور. إذا أدرك أمازيغ أسامر اليوم أن المصلحة العليا تقتضي وضع اليد في اليد لتغيير كل شيء من أجل البداية الصحيحة، فإن ذلك يكون إيذانا بوضع القطار على السكة الصحيحة، أما إذا استمروا في لعب الكواليس ومعارك الظلام فإن ذلك سيكون نذيرا بدحرجة الشمس في مهد الأمازيغية ومرعاها الخصيب نحو مرافئ الغروب".
محمد أيت حساين