وكالة الأنباء الجزائرية تطلق موقعا باللغة الأمازيغية

رحب أكاديميون وإعلاميون جزائريون بإطلاق موقع إلكتروني لوكالة الأنباء الجزائرية باللغة الأمازيغية بالأحرف الثلاثة (العربي، والتفناغ، واللاتيني) واعتبروه "مكسبا مهما في طريق إعطاء الأمازيغية المكانة التي تستحق".

وخلال حفل إطلاق الموقع في المركز الدولي للصحافة بولاية قسنطينة التي تحتضن تظاهرة ثقافة 2015 الأسبوع الماضي وصف وزير الاتصال حميد قرين المشروع بـ"الأمر الرائع ومفخرة للدولة"، ودعا وسائل الإعلام للمساهمة في ترقية هذه اللغة، بوصفها جزءا من الهوية الوطنية للجزائريين.

كما تحدث أمين عام المحافظة السامية للأمازيغية (وهي مؤسسة رسمية تعنى باللغة الأمازيغية بالجزائر ) الهاشمي عصاد، واعتبر أن هذه "رسالة قوية للصحافة الجزائرية بأن هذا الأمر دليل على إمكانية إنشاء صحف بهذه اللغة".
"طاهير:على الرغم من مجيء تلك الخطوة متأخرة ولظروف واعتبارات سياسية فإن إطلاق الموقع يعد مكسبا نوعيا في طريق إعطاء الأمازيغية لغة وهوية المكانة التي تستحق"


أما رئيس قسم الإعلام بجامعة سطيف سابقا يامين بودهان فذكر أن الخطوة "جاءت متأخرة نوعا ما مقارنة بمؤسسات الإعلام العمومية الأخرى، فالإذاعة الجزائرية كانت السباقة في تخصيص قناة إذاعية وطنية ناطقة باللغة الأمازيغية هي القناة الثانية، وجاء الدور على التلفزة الوطنية بإنشاء القناة الرابعة حيث توجه برامجها لجماهير تتحدث لهجات متنوعة ضمن اللغة الأمازيغية الواحدة الميزابية، والقبائلية، والشلحية، والترقية وغيرها".

وأضاف أنه على الرغم من تأخر المشروع "فإن الخطوة بحد ذاتها تعد قفزة مهمة في مسار تعميم الثقافة الأمازيغية على مستوى الجزائر، فتوفير الخبر والمعلومة لعموم القراء والمتابعين بهذه اللغة يرسمها أكثر كلغة وطنية تعبر عن هوية المجتمع وأصالته".
ويشاركه الرأي الصحفي عبد الرزاق طاهير قائلا "على الرغم من مجيء تلك الخطوة متأخرة ولظروف واعتبارات سياسية تراعي الجذور الأمازيغية لمدينة قسنطينة العريقة التي تحتضن تظاهرة عاصمة الثقافة العربية فإن إطلاق الموقع يعد مكسبا نوعيا في طريق إعطاء الأمازيغية لغة وهوية المكانة التي تستحق".

وهذا التقدم لا ينفي بتقديره أن "مسار هذه اللغة لا يزال بحاجة إلى خطوات أكثر جرأة، خطوات سياسية بالدرجة الأولى"، ويضيف "وقد يكون التعديل الدستوري المرتقب معيارا للحكم على ذلك من خلال إخراج هذه اللغة من بوتقة الوطنية الشكلية لتأخذ طابعا رسميا إلزاميا في مسار المنظومة التعليمية عموما لأن ما يعاب على طريقة التعاطي الرسمي مع المسألة الهوياتية في الجزائر هو حصرها في نطاق جهوي ضيق فالأمازيغية تدرس في 11 ولاية فحسب".


وقال الخبير في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي إن "الخطوة تأتي في إطار الجو العام الذي يطبع منطقة شمال أفريقيا، والذي يتسم بإيجابية أكثر في التعامل مع اللغة الأمازيغية، وهناك قبول أكثر لهذه اللغة، لأن المنطقة تعيش حالة خروج من مأزق الصراع اللغوي سواء بين الأمازيغية والعربية أو بين مختلف اللغات الأخرى".

ويؤكد مدير "المركز البيداغوجي واللغوي لتدريس الأمازيغية" عبد الرزاق دوراري أن المشروع "إيجابي جدا، لأنه يسمح لمختلف وسائل الاعلام الحصول على مادة إخبارية باللغة الأمازيغية دون الحاجة إلى ترجمتها وإعادة صياغتها".
غير أن الإشكال الذي يطرح نفسه برأيه هو "كيف ستتعامل هذه الوكالة مع الثراء اللغوي للأمازيغية بشكل عام، فهناك اللغات الترقية والقبائلية والشلحية والميزابية وغيرها، فهل تستعمل جميع هذه اللغات؟ أم ستلجأ إلى ما تسمى اللغة الاصطناعية التي يطلق عليها اللغة الأمازيغية وهي اللغة التي لا يفهمها أحد؟".

ويرى أن هناك "صورة نمطية في المجتمع وبين أوساط السياسيين جعلت من التنوع اللغوي والثقافي في مادة واحدة هي الأمازيغية اقتداء بما حدث للغة العربية المدرسية، وهو اقتداء خطأ، لأن العربية المستعملة في المدارس لا يفهمها إلا من دخل المدرسة، وهي ليست اللغة العربية الأم، وهي لغة لها وظيفة محددة متعلقة بالتخاطب الصوري في مجالات سياسية اقتصادية ثقافية وغيرها".
ونبه إلى أن "الأمازيغية التي يراد لها أن تكون مثل العربية المدرسية تشكل خطرا على مستعملي اللغات المتنوعة للأمازيغيين، وعدم توفر الأمازيغية على أكاديمية أو معهد عال يعمل على تهيئتها اللغوية يعد عائقا كبيرا في سبيل تطويرها".