لمحة عن الثائر الأمازيغي مفدي زكرياء شاعر الثورة الجزائرية ومؤلف النشيد الوطني الجزائري

يعتبر الأديب الأمازيغي الكبر مفدي زكرياء أحد أعظم الشخصيات الجزائرية في القرن العشرين، وقد  اشتهر بلقب شاعر الثورة الجزائرية، ومؤلف النشيد الوطني الجزائري «قسما» وقدم تضحيات جسيمة في سبيل استقلال الجزائر وذاق سنوات السجن والتعذيب من طرف سلطات الاستعمار الفرنسي. 

مفدي زكرياء
الثائر الامازيغي مفدي زكرياء 

ولد الشاعر الأمازيغي مفدي زكرياء Moufdi Zakaria يوم الجمعة 12 جمادى الأولى 1326 هـ، الموافق لـ 12 يونيو 1908م، بقصر بني يزقن، أحد القصور السبع لوادي مزاب، بمنطقة غرداية الناطقة بالأمازيغية، في جنوب الجزائر. واسمه الكامل المجاهد زكرياء بن سليمان بن يحيى بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى، لقبه زميل البعثة الميزابية والدراسة الفرقد سليمان بوجناح بـ: "مفدي"، فأصبح لقبه الأدبي مفدي زكريا الذي اشتهر به، كما كان يوَقَّع أشعاره  بلقب "ابن تومرت".

 بدأ مفدي زكرياء حياته التعلمية مبكرا في الكتاب بمسقط رأسه فحصل على شيء من علوم الدين واللغة، ثم رحل إلى تونس وأكمل دراسته بالمدرسة الخلدونية ثم الزيتونية، وعاد بعد ذلك إلى الوطن الأم الجزائر. كانت له مشاركة فعالة في الحركة الأدبية والسياسية، ولما قامت الثورة الجزائرية انضم إليها فورا فكان شاعر الثورة الذي يؤجج الحماس في الثوار وعضوًا في جبهة التحرير، مما جعل فرنسا تزج به في السجن مع التعذيب وبعد الافراج عنه فر من البلاد خارج الحدود فجال في عدة بلدان للتعريف بالثورة الجزائرية وحشد الدعم لها.

انضم  مفدي زكرياء إلى صفوف العمل السياسي والوطني منذ أوائل الثلاثينات. كان مناضلاً نشيطاً في صفوف جمعية طلبة شمال أفريقيا المسلمين. كان عضواً أساسياّ في حزب نجم شمال إفريقيا. وكان عضواً في حزب الشعب، وكان عضواً في حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية. انضم إلى صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائري. ثم عمل أميناً عاماً لحزب الشعب. كما عمل رئيساً لتحرير صحيفة "الشعب" الداعية لاستقلال الجزائر في سنة 1937م. واكب شعره بحماسة الواقع الجزائري، ودعى بقوة الى تحرير شمال افريقيا من الوجود الاستعماري وواكب كل مراحل كفاح شعوبها منذ سنة 1925م حتى سنة 1977م داعياً إلى الوحدة بين أقطارها.

كتب مفدي زكرياء نشيد الحزب الرسمي "فداء الجزائر".  ثم قام بتأليف النشيد الوطني الجزائري (قسمًا)، واعتقل من طرف السلطات الفرنسية في أوت 1937 رفقة مصالي الحاج وأطلق سراحه سنة 1939 ليؤسس برفقة باقي المناضلين جريدة مناهضة للاستعمار، ثم اعتقل عدة مرات في فيفري 1940 (6 أشهر) ثم في بعد 8 ماي/أيار 1945 (3 سنوات) وبعد خروجه من السجن انخرط في صفوف حركة الانتصار للحريات الديمقراطية، انضم إلى الثورة التحريرية في 1954 وعرف الاعتقال مجدّدا في نيسان/أفريل 1956 لمدة 3 سنوات وبعد خروجه من السجن سنة 1959 فرّ إلى المغرب ثم الى تونس واصبح سفيرا للقضيّة الجزائرية  إلى غاية استقلال الجزائر.  

 اشتهر مفدي زكريا بتأليف النشيد الرسمي الوطني الجزائري "قسما" الذي لايزال معتمدا حتى اليوم، إلى جانب ديوان اللهب المقدس، وإلياذة الجزائر الشهيرة. وقد توفي المقاوم مفدي زكرياء يوم الأربعاء 2 رمضان 1397 هـ، الموافق ليوم 17 أغسطس 1977م، في تونس، ونقل جثمانه إلى الجزائر، ليدفن بمسقط رأسه في قرية أت يزقن ولاية غرداية الامازيغية وسط الجزائر وخصصت له جنازة مهيبة.

وقد طالبت فرنسا  بحذف مقطع (يا فرنسا...) من النشيد الوطني الجزائري الذي كتبه المقاوم الأمازيغي مفدي زكرياء، لكن المجاهدين الجزائريين رفضوا لأنها لم تعتذر عن جرائمها الوحشية المرتكبة في حق الجزائريين عامة، ولا يزال المقطع جزءا من النشيد الوطني الرسمي حتى اليوم.