بعد عقود من الوهم .. هل فاق المغاربة أخيرا من مخدر القضية الفلسطينية وتبنوا موقف الحركة الأمازيغية

عندما كان نشطاء الحركة الأمازيغية يصدحون ليل نهار بأن القضايا الوطنية للشعب المغربي أولى من أي قضية أخرى... وأن القضية الفلسطينية قضية أجنبية لا ناقة لنا فيها ولاجمل، و يجب التضامن معها من منطلق انساني فقط لا غير ...  فكانت تنهال عليهم  تهم الخيانة والعمالة والصهيونية من كل حدب وصوب من طرف المغاربة المؤدلجين والمخدرين المتاجرين بالقضية الفلسطينية  والعوام الواهمين بتحرير فلسطين العربية وإلقاء اليهود في البحر .

وما كادت أصوات  نشطاء  الحركة الامازيغية تهدأ في آذانهم ، حتى أستفاق المغاربة قاطبة هذا الاسبوع على دوي تصريح وزير خارجيتهم شخصيا السيد ناصر بوريطة  وهو يصدح  أمام الملأ   :" لا يجب أن يكون المغاربة أكثر فلسطينية من الفلسطينيين أنفسهم ... وأن قضية الصحراء هي القضية الأولى للمغرب" .. وكان ذلك بمناسبة صدور صفقة القرن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب كحل للقضية الفلسطينية ...

صفقة القرن القضية الفلسطينية المغرب  ناصر بوريطة


وقد جاء كلام  وزير خارجية المغرب السيد  ناصر بوريطة خلال رده على انتقاد من أعضاء مجلس المستشارين لموقف المغرب المحايد من صفقة القرن، والذين إعتبروا  قضية فلسطين "قضية أولى للمغرب"، فأجابهم السيد بوريطة، أن "قضية الصحراء هي القضية الأولى للمغرب، ولا ينبغي أن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم". معلنا بذلك السيد ناصر بوريطة عن موقف رسمي جديد أثار صدمة الكثير من المغاربة المؤدلجين ولازال يثير ردود أفعال مختلفة حتى اللحظة.

لكن الملاحظ  حول ردود تلك الافعال أن جل المغاربة أيّدوا كلام  وزير الخاريجية السيد ناصر بوريطة ، سواء تلميحا أو تصريحا، وقد عبّر الكثير منهم عن ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا قلة قليلة من الدجاجلة والمشعودين الذي يتاجرون بالقضية الفلسطينية الذين  لم يعجبهم كلام الوزير، طمعا في مراكمة المزيد من الأموال بأسم الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني .

إن الشعب المغربي  اليوم أصبح يدرك أن الخروج في المظاهرات الصاخبة والمسيرات المليونية دفاعا عن القضية الفلسطينة مجرد عبث ومضيعة للوقت، وأن بث عشرات البرامج  على شاشة التيلفيزيون وأمواج الاداعات الوطنية وإصدار البلاغات والاستنكارات ..الخ  لن يغير في الواقع شيئا، وأن القوى العالمية هي التي تتحكم  كما تشاء في خيوط اللعبة وتتلاعب بمصير القضية الفلسطينية حسب مصالها الخاصة بينما تستغلها الأنظمة العربية كمخدر لألهاء شعوبها بعنثرياتها الفارغة عن تحرير فلسطين وعدم التنازل عن شبر منها وعاصمتها "القدس العربية ".

و قد بدأ المغاربة الأن  يدركون لحسن الحظ ولو متأخرين، أن الاولوية  لقضاياهم الوطنية بدءًا بقضية الصحراء وسبتة ومليلية والجزر المغربية المحتلة وإنتهاءًا بقضايا البطالة والفقر والفساد والتنمية والعدالة والحرية والكرامة. وهو ما كان ينادي ويصدح به ليل نهار نشطاء الحركة الأمازيغية مند سنين، لكن لا حياة لمن تنادي.

فلا احد من المشارقة أعلن يوما تضامنه الفعلي مع المغرب في قضية الصحراء أو قضية سبتة ومليلية والجزز المغربية المحتلة،  سواء ببرامج تلفزيونية أو بمسيرات مليونية، بل والادهى من ذلك، أن بعض تلك الشعوب و الانظمة العربية بالمشرق  تعترف علنًا بما يسمى  بـ" الجمهورية العربية الصحراوية" بما فيها عدة تنظيمات فلسطينية نفسها،  ولقد آن الآوان أن يستفيق المغاربة قاطبة من مخدر القضية الفلسطينية،  والقضايا المشرقية عموما، ويتحدوا لمواجهة مشاكلهم وقضايهم الداخلية الاساسية، وكل هذا لا يعني أبدا أنهم ضد حق الشعب الفلسطيني في إقرار دولته المستقلة، لكن ليس على حساب تجاهل قضايهم الوطنية الاساسية.

البوابة الأمازيغية.