تفاصيل محاولة الاغتيال الخطيرة التي تعرض لها المناضل الامازيغي احمد الدغرني

إن تاريخ المغرب ما بعد الاستقلال الشكلي مليء بمجموعة من جرائم الاغتيال والاختطاف الغامضة للمعارضين الحقيقيين للمخزن ، والتي لم تكشف أسرارها حتى  اليوم، كحادثة اغتيال زعيم المقاومة وجيش التحرير الامازيغي عباس المساعدي والمعارض الامازيغي عدي اوبيهي و إختطاف المفكر الأمازيغي بوجمعة هباز .. والعديد من المناضلين والشخصيات المعارضة بقوة لإستبداد المخزن .

وفي هذا الإطار تندرج جريمة محاولة الاغتيال الخطيرة التي تعرض لها المناضل الأمازيغي أحمد الدغرني ، بسب نضاله ومواقفه وآرائه  الراديكالية القوية ، فالرجل ناشط سياسي منذ الستينات من القرن الماضي وفاعل سياسي أمازيغي من المؤسسين لمجلس التنسيق الوطني للجمعيات الأمازيغية ، ومؤسس الحزب الديموقراطي الامازيغي الممنوع ، وهو صاحب كتاب البديل الأمازيغي الذي تطرق لأول مرة لمواضيع حساسة بالنسبة للمخزن  كالجيش، والمخابرات، أونا، الاستقلال الذاتي، مناجم الذهب بالمغرب، الملكية. وقد شكل كل هذا  إزعاجا كبيرا للمخزن .


وبنظرنا إلى الحزب الذي أسسه الدغرني قبيل محاولة اغتياله، فهذا الحزب في حد ذاته  يشكل سابقة سياسية في تاريخ الأحزاب بالمغرب بدليل تعامل وزارة الداخلية معه باضطراب وارتباك كبيرفي البداية ثم منعه في النهاية بعد الضجة الكبيرة التي أثارتها النخبة السياسية المخزنية ضده ، فقبول الحزب بالنسبة لهم يعني حتما وجود معارضة سياسية حقيقية تتشكل في الأفق القريب تتبنى أمازيغية المغرب والديموقراطية والعلمانية وهو ما يشكل نسفا للأسس التي تقوم عليها الدولة المخزنية التقليدية.


 أحمد الدغري  أثناء منعه من عقد مؤتمر لحزبه بمراكش سنة 2005


و مما سبق يتضح أن السيد احمد الدغرني كان يشكل إزعاجا وتحديا كبيرين للمخزن، بالتالي تأتي الرغبة في التخلص منه ولو بالتصفية الجسدية فكانت محاولة الاغتيال الخطيرة التي تعرض لها بحادثة سير مفتعلة على غرار عمليات الاغتيال التى طالت قيادات أمازيغية معارضة في دول تامزغا – شمال افريقيا – التي تحكمها أنظمة كان لها السبق والريادة مند عقود في تصفية ونفي المعاريضين بالدسائس والتآمر من داخل مكاتب الاستخبارات السرية وبتنفيد من عناصرها الرسميين .

 أحمد الدغرني أثناء الاحتجاج امام المحكمة على قرار منع الحزب الامازيغي الذي أسسه  سنة 2005

تفاصيل محاولة الاغتيال الخطيرة التي تعرض لها المناضل الامازيغي احمد الدغرني 


كان السيد احمد الدغرني حسب تصريحه في طريقه إلى مدينة تمـارة  مارا بطريق الحزام الأخضر بضاحية الرباط يوم 27 شتنبر 2006 على الساعة 15.30 ، وعندما اقترب من المنعرج الذي يؤدي إلى الطريق السيار الرابط بين الرباط والدار البيضاء لاحظ سيارة خلفه عبر المرآة العاكسة كان يقودها رجل يعطي إشارات بيده إلى أحد ما ، فخفف الدغرني من السرعة وانحاز بسيارته إلى أقصى يمين الطريق كي يترك لسائق السيارة  المسافة اللازمة للتجاوز، إلا أن السيارة المتعقبة ظلت خلف سيارة الدغرني وكأنها تترصده بالذات.

 وبعد لحظة واصل الدغرني  سيره حتى وصل إلى آخر نقطة في المنعرج ، في تلك اللحظة تلقت سيارته فجأة ضربة قوية في غاية الدقة جعلت سيارته تندفع بقوة وتسقط في منحدر خطير، لكن بفضل الاقدار إنغرست مقدمة السيارة بعد إصتدامها بارضية المنحدر في التربة اللينة وحال ذلك دون تدحرج السيارة فنجى من موت محقق.

 وعندما خرج بصعوبة من السيارة لاستنشاق الهواء، فإذا به يرى شخصين يطلان على مكان سقوطه، فصعد متوجها إلى الطريق المعبدة حيث تلقت سيارتة الضربة، فوجد على مقربة من نقطة الاصطدام شاحنتين كبيرتين متوقفتين، ففوجئ بدركيين يصلان في تلك اللحظة بالذات إلى حيث سقطت سيارته دون أن يدري كيف علما بالحادث بتلك السرعة ، ثم رأى شاحنة إغاثة (ديباناج) على متنها شخصان وحضر رجل ثالث يحمل جهاز إتصال، و ضابط درك أخر، وتقدموا إلي الدغرني وأمروه أن يغادر المكان حالا،دون أن يسألوه عن حيثيات الحادث أو أسباب السقوط أو عن حالته الصحية و احتمال إصابته  بكسر او ارتجاج او نزيف داخلي ..، بل طالبوه بلهجة غريبة بمغادرة المكان .

لكن الدغرني رفض وقال لهم : أن أحدا صدمني بقوة و أسقطني هنا. فأجابه احد الدركيين :" لم يسقطك أحد "!!. فقال له الدغرني : "أنا أؤكد لك بأن أحدا صدمني ..، عليك كضابط شرطة قضائية أن تستمع الي شهادتي". وفي تلك اللحظة بدا ذلك الدركي غاضبا جدا وبدأ يخاطب الدغرني بكلام غريب وبلهجة يشوبها الاستهزاء والاحتقار : "أنا عربي حر ... من تظن نفسك  حسن نصره الله… !! ماذا تريد أن تثبت ... ليست لديك حجة ... اذهب إلى المحكمة لن تفعل شيئا ... سنكتب بأنك سقطت وحدك... واش أنت بوعزة إيكن"!!. وتقدم إليه دركي أخر ، فتعجب الدغرني من أين خرج كل هؤلاء الدركيين فجأة؟

 فبدأ الخوف ينتابه من أن يفعلوا به سوء  حتى بعد نجاته من الموت، فبدأ يستغيث بالسيارات المارة حتى توقف بعض الناس وتجمعوا، وتقدم إليه أحد المارة بعد أن عرفه وهو محامي بالرباط يتعلق الأمر بالأستاذ بن الزعري وهو أحد الشهود، وبدأ الدغرني يخاطب ضمائر الدركيين بأن يحققوا في الحادث، لكنهم واجهوه بنرفزة وغضب كأنهم غاضبين على فشل محاولة اغتياله بتلك الحادثة المفتعلة ، وأمر الضابط الدركيين التابعين له بأن يكتبوا محضرا بأنه سقط  في المنعرج  .

شعر الدغرني بالاحباط بعدما وجد نفسه أمام رجال درك عنثريين متوترين لا يملكون  لغة التواصل، فالتزم الصمت بعد أن سجل رقم الشاحنتين اللتين أمرهما الضابط أن ينصرفا بدون أي بحث، لكن وقع إضطراب كبير للدركيين وسائقي الشاحنتين، وسائق شاحنة "الديبناج" أبضا بعد أن افتضح الأمر وتجمع الناس فبدأ الارتباك في صفوفهم، وبدأ الضابط يتصل بجهة ما بعد أن أصر الدغرني على عدم مغادرة المكان بشكل نهائي بدون إجراء بحث في الحادثة.

 وبقي الجميع هناك إلى وقت بداية غروب الشمس والدركيين يتهامسون و يفكرون ماذا سيفعلون؟ بعد ذلك حضر ضابط درك أعلى منهم درجة على متن سيارة خاصة ومعه أحد داخلها ؟ فنزل من السيارة وكان أشد غضبا منهم فتقدم إلى الدغرني مهددا إياه صحبة الضابط الذي كان بعين المكان مند البداية فقال له" انصرف من هنا و إلا سوف تحدث مجزرة إذا نزل الظلام".

فشعر الدغرني بالخطورة وقال للضابط أشكرك على هذه الصراحة، وأثناء ذلك تقدم إليه الضابط الأقل درجة ووضع يده على فم الدغرني وقال:" هذا هو الميكروفون، تكلم، تريد أن نحضر لك كاميرا التلفزة"، وفرك خد الدغرني بيديه كاحتقار، ثم قال الضابط الكبير للدغرني كتهديد :"  غادي نقتلوك وندفنوك وماتقد دير والو"، وأشار إلى أحد الدركيين وقال له:" كـون قتلتيه بالفــردي"، وأمره أن ينزع من الدغرني أوراق السيارة  وأمر صاحب "الديبناج" بأن ينقل سيارة الدغرني بعد أن انتزعوا منه 500 درهم أيضا .وبعد إشتداد الظلام لم يجد الدغري بدا من الانصراف مخافة حدوث الاسوأ.

وحسب رواية الدغرني فقد كانت جميع المؤشرات مريبة وتثير الشكوك وتدل على محاولة اغتيال مدبرة بحادثة سير مفتعلة ، بدءا بالسيارة المترصدة فمكان الاصدام الخطير فالحضور السريع المكثف لـ"رجال الدرك"  لطمس العملية …؟! و رفضهم إجراء تحقيق !!! وكلامهم وغضبهم غير المبرر بعد فشل العملية ، وتهديداتهم ووعيدهم! و إلحاحهم على المغادرة بسرعة  دون السؤال حتى عن حالته الصحية حينها من احتمال اصابته بنزيف داخلي او ارتجاج في المخ او إلتواء أو كسر !!!.