جمعية أمزيان تنظم ندوة حول تطورات الامازيغية.. والصلحيوي : الأمازيغية في أزمة ونخبتها تمخزنت

أجتمع مؤطرو الندوة الفكرية التي نظمتها جمعية "أمزيان" ليلة أمس السبت، بقاعة المركب الثقافي وسط الناظور، تحت عنوان "الحركة الأمازيغية بالمغرب.. إلى أين؟" 


خلال مداخلاتهم حول إبراز التخبط السياسي للحركة الأمازيغية وتشخيص أزماتها، على أن عدم وجود خارطة طريق واضحة المعالم، تنبني على رؤى وتصورات وإستراتجية عمل من جهة، في مقابل الإصطدام بالهفوات التنظيمية وإنعدام المشروع السياسي المصاغ بناء على الإجابات الموضوعية للمرحلة من جهة ثانية، كلها عوامل ساهمت في تثبيط العمل الأمازيغي مما أوصل الحركة الأمازيغية إلى حالة من "البلوكاج السياسي" يستدعي انكباب الانتليجينسيا الأمازيغية على دراسة إمكانية إيجاد مخرج لها من المأزق. 



الناشط السياسي محمد الصلحيوي باعتباره أحد المؤطرين للندوة، اعتبر أن الحركة الأمازيغية فاقدة للرهانات نتيجة اعتبارات موضوعية وذاتية عدة، خلص بعد الإسهاب في تعدادها، إلى أن المخرج أمامها يتمثل بالضرورة في خيار واحد لا محيد عنه، ألا وهو مرورها إلى المواطنة عبر تبني خيار هوية الشعب المغربي بما أنها تستبطن في صلبها كينونة الذات الأمازيغية، مبينا أن الهوية الأمازيغية بالمغرب اليوم تتأرجح بين أطروحتين، "أصولية" تمارس ما وصفه بالبوليميك على العرب وتعتمد فيه على الإقصاء الممنهج وعدم الإعتراف بغير الموالين لها كالحركة الوطنية، وثانيها الأطروحة "المخزنية" التي خلقت نخبة أمازيغية انساقت وراء أطماعها الذاتية على حساب القضية. 




وأجمل الصلحيوي ما أعتبره أقوى اللحظات المفصلية في تاريخ عمل الحركة الأمازيغية، في جملة من المحاور، أبرزها "بيان أكادير" الذي شدد على أنه سيج الفعل الأمازيغي، و"بيان مارس 2000" الذي أكد بشأنه أنه وضع استراتجية معينة للفعل الأمازيغي بإشراف الفاعل الأمازيغي محمد شفيق الذي اعتبره مواليا للمخزن، و "دستور 2011" الذي أوضح أنه على إثره تمخزنت نخبة أمازيغية والتحقت بركاب المعيش وليس وراء الأمازيغية. 


فيما إرتأى الباحث الأمازيغي سمير المرابط أن يقارب الإشكالية المركزية للندوة من زاوية تاريخية، حيث أتى على ذكر كرونولوجية تطور الخطاب السياسي لدى الحركة الأمازيغية، منذ بروز الوعي السياسي لدى روادها خلال تسعينات القرن الماضي داخل أسوار الجامعة، بدءا بمناقشة الهوية داخل حلقياتها والمطالبة بمسألة الدسترة على المستوى الثقافي، قبل تبلور خطاب الحركة وإنتقاله تدريجيا إلى ما هو اجتماعي وسياسي. 

وذهب المرابط إلى أن اعتراف الدولة المغربية بالأمازيغية ما هي إلا محاولة لإحتواء غضب الشعب الأمازيغي، في سياق أسلوب المناورة التي غالبا ما تترك الدولة بعد دستور 2011 هامشا للتعامل بها إزاء القضية الأمازيغية، سواء إن على المستوى السياسي أو القانوني معطيا المثال على ذلك بالقانون التنظيمي الذي اعتبر أن النظام ترك فيه هامشا للمناورة بهدف توجيه الصراع السياسي لما يخدم أجندتها وفق مصالحها، يردف المتحدث. 


واصطلح المرابط على نخبة أمازيغية محسوبة على الحركة ظهرت بعيد البيان الأمازيغي، ب"المولوية"، قائلا أنها تريد فرض نفسها على الأمازيغ بالباطل، مبرزا أن النظام يقوم بتصريف مواقفه عن طريقها، مستعملا إياها في توجيه حركية النقاش العمومي المفترض للحركة الأمازيغية وجعل عملها منحصرا في الإطار الثقافي دونا عنه السياسي، مردفا أن المخزن يحتاج إلى مفاوض سياسي حقيقي وفق ما تمليه الظروف السياسية الدولية منها والإقليمية، وليس إلى مفاوض بحسب المقاسات التي يضعها المخزن. 

ولفت المرابط إلى أن نقاش الحركة الأمازيغية بلغ درجة من الإبتذال، لكون كل "من هب ودب" بتعبيره "يقدم إجابات حتى ومن دون إمتلاك تصور ولا رؤى سياسية في إطار القضية، يردف المتحدث الذي يرى أنه بات لزاما تقديم تجارب سياسية متنوعة وعدم فتح جبهات داخلية تردم أكثر مما تبني صرح الأمازيغ، في الوقت الذي دعا فيه إلى ضرورة وجود خط جريء للحركة من شأنه إفراز المشروع السياسي للعمل الأمازيغي. 

فيما استهل الفاعل الأمازيغي خميس بوتكمانتي مداخلته بطرح سؤال أي من السلط تريد الحركة الأمازيغية "أمازيغية السلطة أم سلطة الأمازيغ"، بحيث إستفاض في إبراز التصور العام لكل مفهوم على حدة، مشددا على السعي وراء بقاء الحركة الأمازيغية قوة ضاغطة في الساحة وعد الإنجرار خلف فكرة اللجوء إلى تأسيس حزب سياسي أمازيغي من شأنه ذبح الحركة أكثر من إحياء جذوتها، مستطردا أن هناك خطة تستهدف دغمجة العقل الأمازيغي بالأمازيغية نفسها. 

وأبرز بوتكمانتي أن المشهد السياسي لا يسمح بممارسة العمل السياسي إنطلاقا من موقع الحزب سيما إذا كان أمازيغيا، بحكم مؤسساته الصورية المفتقدة للقرار، مردفا أن الدولة من تتحكم في الشأن السياسي وتقوم بتسير الأحزاب، انطلاقا من تحريك الهواتف وتركيب الأرقام، لذا لا ضرورة لحزب سياسي أمازيغي في ظل عدم توفر الشرط الديمقراطي كآلية أساسية في الولوج إلى الساحة من باب التكتل الحزبي، يردف المتحدث. 

ويرى بوتكمانتي أن مخرج الحركة الأمازيغية من مطاباتها المتمثلة على سبيل العد في عدم معرفة من خصومها بعد، مما أفرز صراعا داخليا أكثر منه خارجيا، يكمن أساسا في الإجابة عن سؤال "ماذا تريد تحديدا؟"، على اعتبار أن الإجابة هي الكفيلة بتهيئة الذهنية الأمازيغية المشوشة، من أجل التمكين من نظرة استراتيجية لرسم خارطة الطريق، في أفق ما أسماه تحرير الشعب الأمازيغي، يختم بوتكمانتي.

نقلا عن ناضورسيتي.