فنانون امازيغ يقاطعون تظاهرة ثقافية في الجزائر


اعتذر  الفنانين الأمازيغيين المشهوريْن لونيس آيت منقلات  وإيدير  عن عدم  المشاركة في الفعاليات الفنية التي ستشهدها تظاهرة «قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015» احتجاجا منهما على تسمية المدينة بعاصمة للثقافة العربية، واعتبرا ذلك محاولة لطمس هوية وتاريخ المدينة الأمازيغي. و  أثارت مقاطعة هذين الفنانين لهذه التظاهرة التي ستنطلق فعالياتها منتصف شهر أبريل/نيسان- جدلا واسعا بشأن هوية المدينة وتاريخها، بين مدافع عن أمازيغية المدينة ومدافع عن عروبتها.


وستنطلق التظاهرة الثقافية بمناسبة ذكرى يوم العلم يوم 16 نيسان 2015، وهو اليوم الذي تحتفل فيه الجزائر كل عام تخليدا لروح وذكرى وفاة رائد نهضتها الإصلاحية العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس.

وتاريخيا، تعتبر قسنطينة -التي تبعد عن العاصمة الجزائر بنحو 500 كلم- عاصمة للدولة الامازيغية النوميدية الشرقية بداية من القرن الرابع قبل الميلاد، واشتهرت بعدة أسماء هي: قسنطينة وكرثن وسيرتا، واحتضن أهلها الإسلام واللغة العربية بداية من منتصف القرن الأول الهجري في عهد أبي المهاجر دينار ما بين عامي 55 و62 هـ.

ويعتبر نور الدين بسعدي أستاذ اللغة الفرنسية بجامعة مولود معمري بمدينة تيزي وزو أن قرار بعض المطربين الأمازيغ مقاطعة التظاهرة نابع من «إرادتهم في أخذ موقف صارم ضد سياسات الطمس والتضليل الثقافية التي تمارسها وزارة الثقافة الجزائرية والنظام الحاكم بمجمله منذ عقود من الزمن». ويتساءل: «هل يعقل أن نظن أن اختيار هذه المدينة لاحتضان هذا الحدث خيار عفوي لا صلة له بالتاريخ»، علما أن المدينة «كانت تدعى سيرتا وكانت عاصمة نوميديا قرنين قبل الميلاد تحت حكم ماسينيسا» الذي وصفه بسعدي بـ»الملك الأمازيغي» وصاحب مقولة «أفريقيا للأفارقة». واستحضر في السياق ذاته مقولة مشهورة لصاحب رائعة «نجمة» كاتب ياسين الذي تساءل «إذا كنا عربا فلماذا تريدون تعريبنا؟ وإن لم نكن عربا فلماذا تريدون تعريبنا؟».

وحسب الشاعر والروائي عز الدين ميهوبي، فإنه لا يمكن لأي أحد أن ينكر تاريخ المنطقة وأنها كانت عاصمة للدولة النوميدية، وأن جذورها أمازيغية، لكنه يعتقد أن «استحضار التاريخ في مثل هذه المناسبات أمر لا يقدّم أية إضافة نوعية للمشهد الثقافي بالبلاد». وذكّر ميهوبي باستضافة مدن عربية أخرى التظاهرة نفسها رغم أن جذورها التاريخية ليست عربية، وضرب مثلا بالعاصمة المصرية القاهرة التي كانت مدينة فرعونية لكنها كانت أول مدينة عربية تنال شرف نيل لقب عاصمة الثقافة العربية عام 1996. واعتبر ميهوبي المناسبة فرصة كبيرة لإبراز البعدين العربي والأمازيغي لمدينة قسنطينة، لأن المكونين معا -حسب حديثه- يشكّلان هوية المدينة.

وكانت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي قد بينت موقفها من هذا الجدل من خلال تأكيدها أن التظاهرة ستسعى إلى إبراز البعدين الأمازيغي والعربي للمدينة. من جانبه، أكد المؤرخ محند أرزقي فرّاد أن النقاش الدائر بين المثقفين بشأن أمازيغية أو عروبة قسنطينة يقدم رؤية تفتيتية وليست شاملة للموضوع. وعبّر فرّاد عن أسفه الشديد لبروز هذا الجدل الذي يكرس العلاقة التصادمية بين البعدين العربي والأمازيغي في الراهن الثقافي ببلاده، وهو ما يعيد النقاش حول هذا الموضوع لنقطة الصفر، والسبب في ذلك برأيه ترجيح المقاربة الأيديولوجية على المقاربة المعرفية.