أمازيغ تونس و الصحوة الامازيغية الصاعدة بتونس


عبر التاريخ كانت شمال أفريقيا برمتها أمازيغية  الهوية و معروفة تاريخيا ببلاد البربر و لم تكن قط أرضا عربية و بعد زحف فيروس القومية العربية على المنطقة في اوائل القرن العشرين تم  نسب بلاد  الامازيغ  للعرب زيفا بجرة قلم ضدا عن الواقع   فالمنطقة المغاربية ناطقة بامازيغيتها المتجدرة في التاريخ و أزيد من 90 في المائة من شعب شمال افريقيا امازيغي الاصل سواء المستعربين منهم و غير المستعربين و رغم استعراب الكثير من الامازيغ الذين يتوهمون انهم عرب إلا أنهم لازالو يحملونبصمات  الامازيغية المتجدرة  في دمائهم و في كيانهم  الثقافي و عقلياتهم من حيث لا يشعرون .

شيء طبيعي إذن أن تظهر أصوات أمازيغية في تونس تقول إن هويتها قد طمست لعقود، وأن تاريخها قد حذف من الرواية الرسمية للتاريخ التونسي، وأن البلاد آن لها أن تتصالح مع نفسها وتنوعها الاثني  والثقافي. هي صحوة هوية تعيشها تونس إذن بعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي، وحراك أمازيغي يجلب للحياة السياسية التنوع الذي طالما عرفه مجتمع البلاد وتاريخها. فهل هي أيام أمازيغ تونس قد أقبلت؟ 

شعار احدى الجمعيات الامازيغية الناشط بتونس 


على الجانب الآخر، هناك من يرى في طرح القضية الأمازيغية ترفا فكريا ومحاولة لإقحام البلاد في تفاصيل "يحضرها شيطان" لبث الفرقة وضرب وحدة المجتمع التونسي.

يسكن في تونس 10 ملايين نسمة، وتقول الإحصاءات الرسمية إن عدد  المعترفين بهويتهم الامازيغية بينهم يبلغ نحو 500 ألف، أي خمسة بالمئة من العدد الإجمالي لسكان البلاد، ولا يتحدث اللغة الأمازيغية بطلاقة  سوى اثنين بالمئة منهم، فيما يعيش أغلبهم بين قبائل الجنوب التونسي بمطماطة وتمزرط وزراوة وتاجوت.

فتاة أمازيغية تونسية بالزي التقليدي الامازيغي


غير أن النشطاء الأمازيغ في هذا البلد، الذي أطلق شرارة ما يسمى بالربيع العربي، يشككون في هذه الأرقام، والتاريخ حجتهم في هذا الأمر. فتونس كما تقول الناشطة الحقوقية مها جويني لا يمكن فصلها عن محيطها الإقليمي، إنها جزء من شمال إفريقيا أو "بلاد تمازغا"، تحدها الجزائر غربا وليبيا شرقا، وهذان البلدان يضمان نسبا محترمة من الذين يتحدثون الأمازيغية، فكيف يجري استقطاع تونس من هذا المحيط؟

2011 سنة المطالب

تشير مها جويني إلى أن الحراك الأمازيغي بدأ فعليا في تونس مع 2011 بعد تأسيس الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية التي تشكل من وجهة نظرها نواة العمل الفعلية من أجل الثقافة الأمازيغية في "تونس ما بعد بن علي".

غير أن التاريخ الحديث لتونس يذكر أنه في فترة السبعينيات كانت هناك فرقة "إيمازيغن" التي تضم مجموعة من الفنانين الملتزمين يغنون للتراث وللحضارة الأمازيغية، وفي تلك الفترة عرفت تونس تحرك مجموعة المؤرخين والفاعلين للحفاظ على التراث إذ قاموا بجهود حثيثة من أجل حماية المواقع الأثرية الأمازيغية النوميدية، وطالبوا بأن تكون من أهم المعالم.

  
ويتجلى الحراك الأمازيغي التونسي، كما يشير العضو المؤسس لفرقة "إيمي-ازغن" الموسيقية حمادي بن يحيى، في تجمع النشطاء وتنظيمهم لقاءات من أجل خلق أرضية عمل للنهوض بالثقافة الأمازيغية، مستفيدين من "مناخ الحرية" الذي تعيشه تونس ومن التقدم الذي حققته المسألة الأمازيغية في بلدان الجوار وفي مقدمتها المغرب. 

  
ويبلغ عدد المنظمات الأمازيغية في تونس حاليا تسع جمعيات، أراد مؤسسوها أن تنشط في الحقل الثقافي وتتبنى خطابا سلميا ولا تتدخل في الشأن السياسي رغم محاولات الاستقطاب العديدة، كما يقولون. 

وأعلن أيضا عن تأسيس تيار نوميديا وهي حركة فكرية سياسية "تسعى للنهوض بالأمازيغية في سبيل تونس التعدد والأصالة".


ويعتمد قادة المبادرة الأمازيغية في هذا البلد الإفريقي على الاتفاقيات والبرتوكولات التي  جرت المصادقة عليها، فتونس أقرت اتفاقية اليونسكو لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، وصادقت أيضا على اتفاقية حماية التراث غير المادي واتفاقية إلغاء التمييز في التعليم واتفاقية حقوق الشعوب الأصلية.

الهوية هي الأرض

يرفع أمازيغ تونس عقيرتهم بالصراخ من أجل حماية اللغة الأمازيغية عبر تأسيس مركز ثقافي وطني لدراسة اللغة و للنهوض بها، كما يطالبون بحماية تراثهم في المناطق الأمازيغية  بالشمال و الجنوب، حيث يقولون إن هناك فقرا وتهميشا وتغييبا ممنهجا لمرافق الحياة الضرورية.
نشطاء أمازيغ في مظاهرة حقوقية في أحد شوارع العاصمة التونسيةنشطاء أمازيغ في مظاهرة حقوقية في أحد شوارع العاصمة التونسية
شباب تونسيون أمازيغ يعبرون عن اعتزازهم بهويتهم الامازيغية 


​ويطالبون أيضا بتوفير مدارس ناطقة بلغة سكان القرى الأمازيغية، مع ضرورة مراعاة الأطفال الذي يكتشفون العربية لأول مرة. وتدعو حركة نوميديا من جانبها إلى فتح باب الحوار حول مشاكل الأمازيغ "أصحاب اللسان المختلف" وخاصة ذوو المذهب الإباضي "المهددون حاليا في ظل تنامي التيارات الوهابية التي تدعوهم بالخوارج و تسميهم بالبرابرة ".
تظاهرة أمازيغية في تونس

  
مخاوف القوميين العرب

أثار ملف الأمازيغ وصعوده إلى واجهة المطالب التونسية مخاوف لدى أحزاب القومية العربية التي أعلنت استغرابها لـ"فتح ملف الوجود الأمازيغي في تونس"، فما تشترك فيه هذا الأحزاب مع الأنظمة السابقة هو تعريفها لتونس بـكونها "دولة عربية"، وليست "دولة لغتها العربية فحسب" مثلما كان يعرفها نظام الحبيب بورقيبة.

واتهمت هذه الأصوات المناهضة، الأطراف الأمازيغية بأنها تستقوي بقوى أجنبية  وأنها تسعى "للتفرقة" في سبيل تأسيس اتحاد أمازيغ شمال إفريقيا. إلا أن الحركة الأمازيغية في هذا البلد الذي صادق بداية العام الحالي على دستور "أكثر تقدما في العالم العربي من حيث الحقوق والتعددية"، تقول إنها صاحبة مشروع  ثقافي وطني يؤمن بـ"الوحدة في إطار التنوع".
  
ولم يشر الدستور التونسي الجديد في أي من فصوله إلى الأمازيغ، واكتفى بالتأكيد على "عروبة تونس وإسلامها"، وهو ما يراه المدافعون عن أمازيغية تونس إشارة من الدولة إلى أن الاعتراف بهذا المكون الثقافي لا يزال يواجه تحديات عدة.
فتاة تونسية تعبر عن تمسكها بهويتها الامازيغية